نام کتاب : منهج التربية الإسلامية نویسنده : قطب، محمد جلد : 1 صفحه : 81
في صورته الحسنة: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} فيجعل خلق الإنسان على صورته التي هو عليها جزءًا من الحق الذي خلقت به السموات والأرض. كما يربط في آية الجاثية بين خلق السموات والأرض بالحق، وجزاء كل نفس بما كسبت: {وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} فيجعل الجزاء الأخروي جزءًا من الحق الذي خلقت به السموات والأرض. كما جعل الرجعى إلى الله حقًّا ينفي به عن الله سبحانه وتعالى العبث في الخلقة: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ؟} . وبذلك يكون الإنسان منذ نشأته إلى رجعته، إلى توفيته الجزاء يوم الجزاء، قائمًا بالحق في كل مرحلة، محاطًا بالحق في كل خطوة، لا باطل في خلقته ولا عبث ولا لهو ولا انحراف.
هذا المعنى عميق جدًّا في بناء الفكرة الإسلامية. والقرآن لا يزال يلح في توكيده، والتوقيع على الحس البشري ليتنبه إليه. إنه أساس العقيدة الذي تنشأ عليه الحياة.
الحق في السموات وفي الأرض وفي الناس والحياة.
والقرآن ذاته هو الحق. ونزل بالحق.
{وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ} [1].
وفي هذا الجو المشبع "بالحق" يربي الإسلام النفس البشرية، فيعمق في شعورها الإحساس بالحق حتى يصبح هو العقيدة ويصبح هو الحياة.
إنه لا شيء يحدث باطلًا، ولا شيء يحدث اعتباطًا. كل شيء بالحق ... ولقد يعجز الذهن البشري أحيانًا عن أن يحيط ببعض الحقائق التي تصادفه في حياته فيضل. يضل فيظن أن الحياة باطل وكل شيء فيها عبث لا حكمة فيه.. ومن ثم تتشتت روحه وتنفجر وتتناثر، وتفقد "الحق" الذي يسير كيانها.. فتضيع.
وكأي من روح ضالة أضلها هذا الوهم وشردها وشتت كيانها، فعاشت بلا هدف. شقية معذبة. لا هي تصل إلى غاية، ولا يهي تقدر على إنتاج مفيد. [1] سورة الإسراء 105.
نام کتاب : منهج التربية الإسلامية نویسنده : قطب، محمد جلد : 1 صفحه : 81