نام کتاب : منهج التربية الإسلامية نویسنده : قطب، محمد جلد : 1 صفحه : 88
الأسس والمبادئ دون التفصيلات والأشكال، لأن أية تفصيلات وأية أشكال ستكون موقوتة بفترة معينة، بينما الأسس والمبادئ هي الإطار الذي ينبغي أن تسير الأمور في حدوده، متجددة بتجدد كل عصر ودرجته من العلم، ودرجته من التفاعل مع الكون المادي، وصورة المجتمع الذي يعيش فيه؛ ملتزمة مع ذلك بهذا الإطار العام لا تخالفه ولا تخرج عنه. ففي سياسة الحكم مثلًا ورد أساسان شاملان هما العدل والشورى: {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} [1] {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [2]. ولكنه لم يبين أي طريقة تكون عليها الشورى. أهي مجمع من رؤساء القبائل والعشائر؟ أم مجلس برلماني. منتخب أو معين. أم مجلسان.
أم ... أم.. لأن هذه صورة متغيرة بتغير صورة المجتمع وإمكانياته. وجاء في سياسة المال: {كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} فقرر كراهية حصر المال في يد فئة قليلة يتداولونه بينهم وبقية الأمة محرومة منه. أما طريقة اشتراك الأمة في الخير المشترك فقد تركها لكل جيل يصوغها في الصورة التي تلائم ظروفه وعلمه وإمكانياته، بحيث لا يخرج على تلك القاعدة الكبيرة، فلا يلجأ مثلًا إلى الإقطاع أو الرأسمالية كما فعلت أوربا. ولا يلجأ لنزع الملكية جميعًا كما صنعت الشيوعية[3].
ولهذا وذاك طلب يقظة الإنسان لحكمة التشريع الإلهي. ووعيه وتدبره، ضمانًا لسير الأمور في الأرض على نهج من العدالة والحق المستمدين من العقيدة في الله.
ولكن ينبغي لنا أن نلاحظ كيف امتزج التشريع دائمًا بالتوجيه إلى الله، لا تكاد تخلو آية تشريعية في القرآن كله من ذكر الله، والتوجيه إلى خشيته. والترغيب في مثوبته ورضاه.
لقد كان من مزايا هذه العقيدة الكبرى أنها أطلقت العقل البشري يعمل في أوسع نطاق متاح على الأرض. ولم تغلق عليه الأبواب أو تجمده في قوالب مصبوبة لا فكاك منها. وكان من آيات الإسلام الكبرى أنه في دعوته إلى الإيمان [1] سورة النساء 58. [2] سورة الشورى 38. [3] انظر فصل "أنتم أعلم بأمور دنياكم" في كتاب "قبسات من الرسول".
نام کتاب : منهج التربية الإسلامية نویسنده : قطب، محمد جلد : 1 صفحه : 88