نام کتاب : السيرة النبوية منهجية دراستها واستعراض أحداثها نویسنده : عبد الرحمن على الحجى جلد : 1 صفحه : 169
بكلمات أخرى عن أنس أيضا، يقول: (كنت ساقي القوم في منزل أبي طلحة، وكان خمرهم يومئذ الفضيخ، فأمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مناديا ينادي:
«ألا إنّ الخمر قد حرّمت» . قال: فقال لي أبو طلحة: اخرج فأهرقها.
فخرجت فهرقتها، فجرت في سكك المدينة ... ) [1] .
إن امتثال الصحابة الكرام في الانتهاء عن تناول الخمر- وبهذا الشكل القوي- لهو معجزة من معجزات الإسلام، إذ استجابوا بشكل كامل وجماعي، وأراقوا ما لديهم منه، ولم يؤجلوا ولم يبيعوا ما لديهم منه لغيرهم، حتى لغير المسلمين، بل ولم يعطوه لأحد [2] . فما أن سمعوا بالخبر- مجرد الخبر- من رجل مسلم حتى نفذوه قبل أن يستفسروا، حتى قالوا انتهينا يا رب [3] .
وانظر هذه الصورة التي يذكرها الإمام ابن جرير الطبري (310 هـ) في تفسيره (جامع البيان عن تأويل القرآن) . فيروي عن الصحابي الجليل
«القلال» : جمع قلّة، وهي الجرة التي يقلها- أي: يحملها- القوي من الرجال. «عنها» : عن تحريم الخمر. «راجعوها» : أي لم يرجعوا إلى شرب الخمر، «أو» : لم يرجعوا إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم ليتأكدوا منه خبر التحريم (ويبدو هذا أرجح) . وهذا يدل على صدق المسلمين فيما ينقلون وثقتهم بعضهم ببعض، وأنهم أتقياء في هذا وغيره. وهذا أمر طبيعي. [1] رواه البخاري: كتاب المظالم، باب: صب الخمر في الطريق، رقم (2332) . ومسلم، رقم (1980) . أبو طلحة بن سهل الخزرجي النجاري (51 هـ) زوج أم سليم (الرّميصاء) الأنصارية النجارية الخزرجية (1/ 304) . أسد الغابة، (7/ 345) . [2] حرم الإسلام التعامل به بأي حال وعدم المشاركة بأي أمر يتعلق به. انظر: الأساس في التفسير، (3/ 1507- 1508) . روى الإمام أحمد أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «لعنت الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وحاملها والمحمولة إليه وعاصرها ومعتصرها وآكل ثمنها» . المسند، (2/ 97) . التفسير، (1/ 316) . الأساس في التفسير، (3/ 1506) . [3] تفسير الطبري، 7/ 33) .
نام کتاب : السيرة النبوية منهجية دراستها واستعراض أحداثها نویسنده : عبد الرحمن على الحجى جلد : 1 صفحه : 169