نام کتاب : السيرة النبوية منهجية دراستها واستعراض أحداثها نویسنده : عبد الرحمن على الحجى جلد : 1 صفحه : 383
شاءَ اللَّهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْراكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ [يونس: 16] . كان ذلك تكريما ورقيا وتحقيقا لإنسانية الإنسان وإعدادا إياه للخلافة في أرض الله. وبذلك وحده يمكن، وبدونه يبقى حلما حتى لو أمكن تصوره وتخيله وتأمله، وأبعد منه آمادا متطاولة لا يصل إليه، حتى لو عرف الطريق إليه، وهو لا يعرفه، بل كيف يمكنه أن يعرف؟
إن تربية هؤلاء الصحب الكرام والقدوة الإمام صلّى الله عليه وسلّم والجيل المثال، بهذا القرآن العظيم وعلى يدي الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم ووقوفهم أو جلوسهم على هذه القمم لأكبر من إزالة الجبال وما هو أكبر من ذلك. ولعل هذا بعض ما يمكن فهمه من الآية الكريمة أو وجه من وجوه المعاني التي تحملها وتتحملها:
وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً [الرعد: 31] . وقد أحسّ بهذا- كله أو ببعضه- غير المسلمين، بل الأعداء المحاربون [1] .
ارتقوا بهذا الدين إلى قمم ما كانوا يعرفونها وما كان لهم ذلك، حتى لقد بلغت بهم الرهافة مثلا أنهم مهما ارتقوا يرون أنفسهم مقصرين [2] . وكانوا يعملون بما يعرفون ويسارعون لكل تعليم يسمعون. فهذا حكيم بن حزام (54 هـ) الذي أسلم يوم فتح مكة وكان من المؤلفة قلوبهم. وأعطاه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم حنين فاستقله فزاده فقال: يا رسول الله أي عطيّتك خير:
«الأولى» وقال: «يا حكيم إن هذا المال خضرة حلوة، فمن أخذه بسخاوة نفس وحسن أكلة بورك له فيه ومن أخذه باستشراف نفس وسوء أكلة لم يبارك له فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع» فقال: (فو الذي بعثك بالحق لا أرزأ أحدا بعدك شيئا) . فلم يقبل ديوانا ولا عطاء حتى مات [3] . [1] انظر: التاريخ الأندلسي، (121) . [2] انظر: أعلاه. [3] سير أعلام النبلاء، (3/ 48) .
نام کتاب : السيرة النبوية منهجية دراستها واستعراض أحداثها نویسنده : عبد الرحمن على الحجى جلد : 1 صفحه : 383