نام کتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني نویسنده : غلوش، أحمد أحمد جلد : 1 صفحه : 30
ولذلك قال مشركو مكة حين جاء المسلمون للعمرة بعد الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنه يقدم عليكم وفد وهنهم حمى يثرب" [1], ومن هنا ندرك سر أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يرملوا في الأشواط الثلاثة وهم يطوفون بالبيت وأن يمشوا ما بين الركنين ليرى المشركون قوتهم ولم يمنعه أن يأمرهم أن يرملوا الأشواط كلها إلا الإبقاء عليهم[2].
وقد تأثر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بحمى المدينة بعد هجرتهم. تقول السيدة عائشة رضي الله عنها: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وعك أبو بكر وبلال، فكان أبو بكر إذا أخذته الحمى يقول:
كل امرئ مصبح في أهله ... والموت أدنى من شراك نعله
وكان بلال إذا أقلع عن الحمى يرفع عقيرته يقول:
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة ... بواد وحولي إذخر وجليل
وهل أردن يومًا مياه مجنة ... وهل يبدون لي شامة وطفيل
اللهم العن شيبة بن ربيعة، وعتبة بن ربيعة، وأمية بن خلف، كما أخرجونا من أرضنا إلى أرض الوباء.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد، اللهم بارك لنا في صاعنا ومدنا وصححها لنا، وانقل حماها إلى الجحفة" [3].
واستجاب الله دعاء نبيه للمدينة، وجعلها بلدًا طيبًا.
يقول الحافظ ابن حجر: "أصبحت المدينة أطيب بلاد الله سبحانه، كما سماها بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ سماها "طابة" و"طيبة" والطاب والطيب لغتان بمعنى واشتقاقها من الشيء الطيب لطهارة تربتها ولطيبها لساكنيها، ومن طيب العيش بها وفي طيب ترابها وهوائها دليل شاهد على صحة هذه التسمية؛ لأن من أقام بها يجد من تربتها وحيطانها رائحة طيبة لا تكاد توجد في غيرها.
يقول الحافظ ابن حجر: وقرأت بخط أبي علي الصدفي في هامش نسخته من [1] صحيح البخاري كتاب الحج ج3 ص130. [2] صحيح البخاري كتاب الحج باب الرمل في الحج والعمرة ج3 ص131. [3] صحيح البخاري كتاب فضائل المدينة ج4 ص284، 285.
نام کتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني نویسنده : غلوش، أحمد أحمد جلد : 1 صفحه : 30