نام کتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني نویسنده : غلوش، أحمد أحمد جلد : 1 صفحه : 35
قدم الشام، فدخل على ملك من ملوك غسان يقال له أبو جبيلة فشكا إليه ما كان من الفطيون وما كان يعمل في نسائهم، وذكر له أنه قتله وهرب، وأنه لا يستطيع الرجوع خوفًا من اليهود، فعاهده أبو جبيلة أن لا يقرب امرأة، ولا يمس طيبًا، ولا يشرب خمرًا حتى يسير إلى المدينة، ويذل من بها من اليهود، وأقبل سائرًا من الشام في جمع كثير، مظهرًا أنه يريد اليمن حتى قدم المدينة، ونزل بذي حرض، ثم أرسل إلى الأوس والخزرج أنه على المكر باليهود، عازم على قتل رؤسائهم، وأنه يخشى متى علموا بذلك أن يتحصنوا في آماطهم، وأمرهم بكتمان ما أسره إليهم، ثم أرسل إلى وجهاء اليهود أن يحضروا طعامه، ليحسن إليهم، ويصلهم، فأتاه وجوههم، وأشرافهم، ومع كل واحد منهم خاصته وحشمه، فلما تكاملوا أدخلهم في خيامه، ثم قتلهم عن آخرهم، فصارت الأوس والخزرج من يومئذ أعز أهل المدينة[1].
وبعد أن هاجر المسلمون إلى المدينة وأقاموا بها ظهر المهاجرون عنصرًا جديدًا فيها، يحمل الفكر والخلق، وينشر الهدى والدين.
وقد تغير حال المسلمين في المدينة بعد الهجرة عن ما كانوا عليه من مكة، فلقد أصبح أمرهم بأيديهم، وصارت القوة معهم، وأخذوا يظهرون الإسلام بسائر نظمه في حياتهم، ومعاشهم, وأصبح لزامًا عليهم أن يكونوا مجتمعًا إسلاميا، يحمي أبناءه، ويصون عقيدته، وينشر دين الله في الأرض كلها.
وليس بخاف أن تكوين هذا المجتمع يحتاج إلى جهد وإخلاص، كما يحتاج إلى صبر شديد، وزمن مديد، وعمل جاد رشيد، حتى يتكامل التشريع مع التطبيق، ويتوافق التثقيف والحركة، ويمتلئ الوجود بنور الوحي حركة في السلوك والحياة.
وهذه الآمال الكبار المنوطة بالمسلمين في المدينة تحتاج إلى مجتمع متماسك، متحد الوسائل والغايات، يدرك رسالة الله، ويحمل الأمانة، ويعيش بها، ويتحرك لها بتوجيه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إن هذا المجتمع بعناصره بعد الهجرة يحتاج إلى فهم مكوناته، والتعامل مع كل [1] معجم البلدان ج5 ص85.
نام کتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني نویسنده : غلوش، أحمد أحمد جلد : 1 صفحه : 35