نفسه إذا ما ارتكب شخص خطأ ما. ويوم وفاة ابنه ابراهيم ألمّ بالشمس كسوف تامّ فقال بعض المسلمين انها انكسفت لموته. ولكن الرسول لم يرتح لهذه الفكرة الخرافية. فخطب الناس قائلا:
«إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا تخسفان لموت أحد ولا لحياته. فاذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله بالصلاة.»
وكان الرسول رقيق القلب ودودا. لقد تفطّر فؤاده حزنا للفساد الذي غلب على اخوانه في الانسانية. والقرآن الكريم يشهد على ذلك حين يقول: «لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ.» *
لقد عني عناية بالغة بمصلحة أتباعه وخيرهم. وكان دائم الدعاء لهم، بل لقد صوّر لهم الأرزاء التي كان مقدّرا لها ان تلمّ بهم في عهد متأخر، وعزّاهم عنها. وكان إذا ما أسدى اليه امرؤ يدا حفظها له وذكرها من ثمّ أبد الدهر. وإجلالا منه لذكرى خديجة كان لا يفتأ يبعث بالهدايا إلى صديقاتها. وحين زار المدينة وفد من قبل نجاشي الحبشة سهر هو بنفسه على راحتهم. وتطوّع أصحابه لخدمتهم بكل سبيل، ولكنه قال إنه يؤثر أن يخدمهم هو بيديه الاثنتين، ذلك بأنهم كانوا قد آووا المهاجرين من صحابته. وحين سبيت ابنة حاتم الطائي في من سبي من النساء قال إن بنت رجل جواد مثل حاتم يجب ان لا تبقى سبيّة، وهكذا سرّح عددا كبيرا من الأسرى اكراما لها.
وكان يبدي الاحترام للكهول والصغار على حد سواء. وكان من دأبه أن ينهض كلما دخلت عليه أمه بالرضاع واخته بالرضاع، ويبسط لهما رداءه لكي تجلسا عليه. وكان يضفي على ابنته مثل هذا الاحترام أيضا. وكان يوصي أصحابه بأن يحترموا أولادهم، وكان يحترم الأمومة احتراما عظيما. لقد قال: «ألجنّة تحت أقدام الأمهات.»
(*) السورة 26، الآية 3.