نيسان (ابريل) عام 571 من التقويم المسيحي. وقبل مولد الرسول، تلقّت أمه النبأ السعيد في رؤيا. ويرشح من بعض أحاديث الرسول ان جدّه سماه محمدا، وان أمه سمّته أحمد، وقد فعل كل منهما ذلك تبعا لرؤيا رآها. ولقد تحدث القرآن الكريم عنه بالاسمين جميعا* ويروي أحد الثقات ان الرسول نفسه قال: «أنا محمد وأحمد في آن معا.» وهو يخاطب في المنظومات الشعرية بكلا الاسمين أيضا.
وليس يتسع مجال هذا الفصل للاسهاب في الكلام على الحادثات الاستثنائية التي رافقت مولد الرسول. من أجل ذلك سنكتفي بالاشارة إلى واحدة منها ليس غير، تنطوي في ذات نفسها على دلالة عظيمة.
ففي نفس العام الذي ولد فيه الرسول شيد زعيم اليمن النصراني كنيسة فخمة في عاصمته، صنعاء، رجاة أن يحوّلها الى ملاذ عامّ لشعبه، زمنيّ وروحيّ، بدلا عن الكعبة التي كان قد عقد العزم على هدمها.
ولقد كان ذلك، في الواقع، صراع حياة أو موت بين التثليث والتوحيد.
(*) «وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ، فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ.» (السورة 61، الآية 6) و «وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ، أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ، وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً، وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ.» (السورة 3، الآية 143) . و «ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ، وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً.» (السورة 33، الآية 40) . و «مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ، تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً، سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ، ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ، وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً.» (السورة 48، الآية 29)