ناد يا أصحاب السمرة، قال: وكنت رجلا صيتا فناديت بصوتي الأعلى: أين أصحاب السمرة؟ فأقبلوا كأنهم الإبل إذا حنت إلى أولادها، يا لبيك، يا لبيك، يا لبيك وأقبل المشركون فالتقوا هم والمسلمون ونادت الأنصار: يا معشر الأنصار مرتين، ثم قصرت الدعوى في بني الحارث بن الخزرج، فنادوا: يا بني الحارث بن الخزرج! فنظر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى قتالهم فقال: "هذا حين حمي الوطيس" الحديث1.
وعند الحميدي: عن عباس قال: كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بغلته التي أهداها له الجذامي فلما ولى المسلمون، قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا عباس ناد، قلت يا أصحاب سورة البقرة[2]، وكنت رجلا صيتا فقلت: يا أصحاب السمرة، يا أصحاب سورة البقرة، فرجعوا عطفة كعطفة البقرة على أولادها، وارتفعت الأصوات وهم يقولون: معشر الأنصار، يا معشر الأنصار ثم قصرت الدعوة على بني الحارث بن خزرج، يا بني الخزرج، قال: وتطاول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بغلته فقال: "هذا حين حمي الوطيس" الحديث3.
(ابن سعد: الطبقات الكبرى2/155واللفظ له. والطبري: جامع البيان10/101- 102) . [2] قوله: (يا أصحاب سورة البقرة) .
قال الزرقاني: "خصت هذه السورة بالذكر حين الفرار لتضمنها {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً} [سورة البقرة، من الآية: 249] ، أو لتضمنها {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} ، [سورة البقرة، من الآية: 40] ، أو {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ} [سورة البقرة، من الآية: 207] .
ثم قال: "وليس النداء بهذه السورة اجتهاد من العباس، بل بأمره - صلى الله عليه وسلم - ففي مسلم وغيره، قال العباس: فقال - صلى الله عليه وسلم -: يا عباس ناد يا معشر الأنصار، يا أصحاب السمرة، يا أصحاب سورة البقرة". (شرح المواهب اللدنية 3/12) .
قلت: "ليس في مسلم لفظة: أصحاب سورة البقرة، وإنما فيه "أصحاب السمرة" فقط وقد تتبعت حديث العباس في صحيح مسلم فلم أجد هذه اللفظة، وقد ورد الأمر للعباس بأن ينادي بـ يا أصحاب سورة البقرة"، عند أحمد في مسنده 1/207 عن سفيان بن عيينة قال: سمعت الزهري مرة أو مرتين فلم أحفظه عن كثير بن عباس قال كان عباس وأبو عباس معه يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: فخطبهم وقال: "الآن حمي الوطيس" وقال: "ناد يا أصحاب سورة البقرة" وإسناده صحيح.
وعند أبي عوانة في مسنده4/204-206 من طريق سفيان بن عيينة ولفظه: يا عباس ناد في الناس: "يا أصحاب السمرة، يا أصحاب سورة البقرة! قال سفيان بن عيينة: يذكرهم البيعة التي بايعوه تحت الشجرة والشجرة سمرة بايعوه تحتها على أن لا يفروا".
وعند الفسوي في المعرفة والتاريخ 2/732 من طريق سفيان بن عيينة أيضا ولفظه: "يا عباس ناد يا أصحاب الشجرة، يا أصحاب سورة البقرة" وإسناده صحيح.
وجاء عند أبي يعلى والطبراني في الأوسط من طريق الزهري عن أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر العباس أن ينادي: يا أصحاب سورة البقرة، قال الهيثمي: "رواه أبو يعلى والطبراني في الأوسط ورجالهما رجال الصحيح غير عمران بن دوار وهو أبو العوام وثقه ابن حبان وغيره وضعفه ابن معين وغيره". (مجمع الزوائد 6/180-181. وانظر مجمع البحرين 2/243 رقم (77) ومسند أبي يعلى 3/338ب رقم (303) والمطالب العالية 4/251) .
(الحميدي: المسند 1/218- 219) .