بابتغاء مرضاة الله عن طريق التنافس في فعل الخير، أو الطمع بالجهاد في سبيل الله لهداية الجاهلين وإرشاد الضالين، والنكاية بأعداء الحق والخير والهدى، الجاحدين المعاندين، الذين يكيدون دين الله كيداً شديداً، ويصدون الناس عنه، ويقاتلون المؤمنين به، ويريدون إطفاء نور الله بأفواههم.
وهكذا تستطيع الصوارف الدينية إجراء التحويلات النفسية لشهوات الحكم النانية، وبهذه التحويلات تجعل طاقات العمل المختلفة تتوجه لتحقيق سعادة الناس، بعد أن ك انت موجهة توجيهاً أنانياً ينجم عنه شرور كثيرة، وعدوان وظلم، وآلام جسيمة للمجتمع البشري.
ولن تتمّ هذه التربية التحويلية بصورة فضلى إلا في ظل تربية دينية صحيحة ولا نجد لها صورة صحيحة مثلى إلا في الإسلام، الذي يعمل على التخفيف منها حتى آخر حدّ يمكن أن تصل إليه مجموعة بشرية.
وكم جرّ باعث الشهوة إلى الحكم والرغبة بالسطان على الناس عبر التاريخ الطويل من ويلات ونكبات جسام، في حروب طاحنة، أزهقت فيها أرواح، وأريقت فيها دماء، وأتلفت فيها خيرات، وبددت قوى وطاقات، ودرست مدن وحضارات، ودهّمت مساجد وبيع وصلوات، لا سيما حينما يضطرب جنون العظمة في رأس زعيم يتوقد في نفسه لهيب الشره بأن يكون له سلطان على كل شيء، ثم يستطيع أن يجد بطانة تؤازره، وقوة تناصره، مع كفر بالله يطلق لأهوائه العنان ويجعلها ملك قيادة الشيطان.
ومع هذه المطامع التي ليس لها أساس إنساني كريم تستجيب له النفوس البشرية أو ترضى به، لا بد أن تقف الأمم والشعوب من صاحبها موقف الدفاع عن حقوقها التي يراد لها أن تكون غنائم باردة، وأسلاباً سهلة المنال، في أيدي مجرمي الحروب، كما لا بد أ، تقف في وجهها مطامع مناظرة عند جموحين آخرين يتوقد في نفوسهم أيضاً لهيب الشره إلى السلطان والحكم، ومن هذا أو ذاك يكون الصراع الدموي العنيف، الذي تنشأ عنه مضاعفات كثيرة، إذ يتولد منه الحقد والكراهية والرغبة بالانتقام، وفساد الطبائع الإنسانية، كما يتولد منه التفاخر بالبطولات، وشدة الارتباط بالعنصريات والعصبيات والحميّات