وحرموا من نعمة الطمأنينة التي هي ثمرة من ثمرات الإيمان بالله، وأثر من آثار مراقبته وخشيته. فأولئك هم الذين تعمل أفكارهم في ابتكار الحيل وتخطيط الخطط الشيطانية لتثبيت دعائم ما في أيديهم من سلطان، لأنهم لا يملكون من صفات الحاكم العادل المالك لقلوب رعيته رصيداً يدعم سلطانهم ضد بعض الطامعين الذين يمثلون قوتهم في عدم سلطانهم تجاه نقمة رعيتهم عليهم.
وحينما يشعر هؤلاء بأن قوتهم التي تثبت حكمهم ضد الرغبة الحقيقية لرعيتهم. وقد أصبحت مربض خطر على سلطانهم لوجود عناصر فيها أخذت تشعر بمقدرتها على انتزاع الحكم والاستئثار به لأنفسها عن طريق القوة العسكرية أو السياسية التي في أيديها فإن موجة من القلق والاضطراب تستولي عليهم. وعندئذٍ يقلبون وجوه الرأي للتخلص من هذه الأزمة المثيرة للقلق والاضطراب، إذ تتنازعهم فيها عوامل نفسية مختلفة، أهمها العوامل التالية:
العامل الأول: الحرص الشديد على ما في أيديهم من سلطان، لأنهم يرون فيه مغانم كثيرة لأنفسهم ولذويهم، ولا يشعرون فيه بالمسؤولية العظمى الملقاة على عاتقهم، لأنهم فقدوا معاني الإيمان بالله ومراقبته والخوف من نقمته.
العامل الثاني: الطمع بالاستزادة من مغانم الحكم.
العامل الثالث: الخوف الشديد من القوى الطامعة بانتزاع ما في أيديهم من سلطان.
وحينما يقلبون وجوه الرأي للتخلص من الأزمة النفسية التي أثارت قلقهم واضطرابهم يعثرون على حيل شيطانية وخطط إجرامية مختلفة منها ما يلي:
أ- حيلة إيقاع الخلاف بين عناصر القوة السياسية أو العسكرية التي يخشاها أصحاب السلطان لأنهم يتصورون أنه متى وقع الخلاف بينها مع تعادل قوتها تفرقت كلمتها وتكونت فيها زعامات متناقضة. ومع تناقضها تجد أطراف النزاع فيها بقاء صاحب السلطان هو الحل الذي يحميها من الصدام المتكافئ.