ومقاومة الشر والرذيلة، وإقامة العدل والأمن والسلام العالمي، ونظائر هذه الأمور التي تلتقي عليها الأصول الصحيحة للشرائع السماوية كلها.
فإن لم يحلُ لهم التآزر مع المسلمين فلا أقلّ من تجنب كلٍّ من الفريقين حقول عمل الفريق الآخر، وأماكن سيادته، أو تجنُّب التماس والتصادم،حتى لا يظفر دعاة الإلحاد بالله، وحملة الوجودية أو الفوضوية المطلقة، بكلٍ منها.
إلا أن كل الدلائل القولية والفعلية ما زالت تدل على أن المبشرين ينظرون إلى ألإسلام -وهو خاتم الأديان الربانية وصاحب سفينة النجاة العالمية المشحونة بالحق والخير والفضيلة والجمال- بتخوف شديد، أكثر مما يتخوفون من الكتل البشرية الهائلة، التي قد تجمع نحو ثلث سكان الأرض في دولة واحدة، لا تدين بالديانة المسيحية.
فهل بلغت في نفوس المبشرين عوامل التنافس بينهم وبين المسلمين من القوة والشدة أكثر مما بلغته عوامل العداء الحقيقي بينهم وبين دعاة الإلحاد بالله والكفر به وإنكار كل رسالة ربانية أنزلها الله لعباده على ألسنة رسله؟
لقد كان على المبشرين أن يوجهوا كل جهودهم لعدو الأديان المشترك، الذي لا يفرق بين دين ودين، ولا بين مذهب ومذهب، وإنما يرفع لواء المادية والوجودية ويفاخر بعقائده الكافرة بكل رسالة ربانية، وقد غزت هذه الدعوات الإلحادية معظم شعوبهم، فبينما تعمل جيوشهم التبشيرية في البلاد الإسلامية التي لا تعطيهم خلال عشرات السنين إلا أضعف الثمرات لصالح أهداف التبشير بالمسيحية، تنتشر جيوش الإلحاد من وراء ظهورهم غازية بلادهم غربية كانت أم شرقية، وغازية أبناء جلدتهم،بمبادئها الوجودية، وأخلاقها المنحلة، ومذاهبها الاجتماعية الهادمة لكل المعاقل الدينية، التي بناها أسلافهم خلال عشرين قرناً مضت في أوربا وأمريكا وسائر بلاد الدنيا، وأمست هذه الجيوش الإلحادية تعيث في بلادهم فساداً. فأين المبشرون من مصادر الخطر الحقيقية على دينهم إن كانوا صادقين مع رسالتهم الدينية التي يزعمون أنهم يحملونها للناس؟!