تنحصر السياسة التعليمية عند المبشرين بأنها سياسة تهدف إلى استخدام العلم وسيلة لأغراض التبشير من جهة، ولأغراض الدول الاستعمارية من جهة أخرى.
وبمقدار ما يحقق التعليم لهم من هذه الأغراض يوسعون فيه ويضيّقون منه، ويوجِّهون مناهجه وخططه الدراسية، والكتب المصنفة له والوسائل المستخدمة فيها والعناصر التعليمية التي تمارسه وتشرف عليه.
ونجد في أقوال المبشرين حشداً كبيراً من النصوص الدالة على أن التعليم عندهم لم يكن إلا وسيلة لتحقيق أغراض المبشرين.
يقول نفر من المبشرين: "إن أهداف المدارس والكليات التي تشرف عليها الإرساليات في جميع البلاد كانت دائماً متشابهة. إن المدارس والكليات كانت تعتبر في الدرجة الأولى وسيلة لتحقيق أهداف التبشير.... حتى إن الموضوعات العلمية البحتة التي تُعلّم من كتب غربية وعلى أيدي مدرسين غربيين تحمل معها الآراء التبشيرية....".
ويرى المبشِّر "هنري هريس جَسَب" "أن التعليم في الإرساليات التبشيرية إنما هو وسيلة إلى غاية فقط، هذه الغاية هي قيادة الناس وتعليمهم حتى يصبحوا أفراداً مسيحيين وشعوباً مسيحية، ولكن حينما يخطو التعليم وراء هذه الحدود ليصبح غاية في نفسه، وليخرج لنا خيرة علماء الفلك وعلماء طبقات الأرض وعلماء النبات، وخيرة الجراحين والأطباء في سبيل الزهو العلمي.... فإننا لا نتردد حينئذٍ في أن نقول: إن رسالة مثل هذه قد خرجت عن المدى التبشيري إلى مدىً علماني محض، إلى مدىً علمي دنيوي....".
ويقول "هنري هريس جَسَبْ" أيضاً: "إن المدارس شرطٌ أساسي لنجاح التبشير، وهي بعد هذا وسيلة إلى غاية،لا غاية في نفسها، لقد كانت