والأجنبية والمستشرقون في عقول أبناء المسلمين الذين يتلقون علومهم على أيدي علماء الإسلام، زعمهم أن الفتح الذي قام به العرب المسلمون إنما كان توسعاً عربياً لا امتداداً إسلامياً.
ويركزون على هذا التضليل كثيراً من البحوث التاريخية والاجتماعية وغيرها، ويهتمون باختيار الأسئلة الموجهة على وفقه، ويطرحون هذه الأسئلة في الامتحانات التي يتوقف عليها نجاح تلاميذهم أو رسوبهم، ويشحنون بهذه الأكاذيب عقول أبناء المسلمين، ويسمونها علوماً، وذلك من أدهى وسائل التضليل، وهو شرٌ من الجهل، لأن الجاهل يظل صامتاً فلا يتحدث بما لا يعلم، ويتلقّف العلم من العالم به،ولكن الذي يُلقّن الأكاذيب على أنها من الحقائق العلمية، ويأخذ بذلك الشهادات العالية، يرفع نفسه إلى مستوى العلماء، ويقدمه المجتمع بسبب شهاداته إلى سدة القيادة التعليمية، فينشر في أمته ما كان قد تلقاه من إفك في مدارس أعداء الإسلام.
إن الدعوى التي يزعمون فيها أن الفتح الذي قام بها العرب المسلمون قد كان توسعاً عربياً لا إسلامياً لا تستند إلى حقيقة تاريخية، وإنما هي أوهام لا وجود لها إلا في نفوس أعداء الإسلام الحاقدين، الذين أكل الحقد قلوبهم من ظاهرة الفتح الإسلامي الذي حار فلاسفة مؤرخيهم في تعليله تعليلاً مادياً، لأنهم أبعدوا أنفسهم عن تعليله تعليلاً دينياً إسلامياً، فأوقعوها في متاهات مظلمة لا يهتدون فيها إلى ما يشفي تعطشهم لمعرفة السبب الحقيقي، فأخذوا يرشقون التاريخ الإسلامي بسهامٍ مسمومة، بغية أن يفرقوا الشعوب الإسلامية غير العربية عن العرب المسلمين، ويهدموا كتلتهم العالمية الكبرى.
ولدى مناقشة هذه الدعوى المفتراة، لا بد أن نضع آثار الفتح الذي قام به العرب المسلمون، في ميدان الموازنة بين ما جناه الإسلام من الفتح وما استفاده العرب منه، ثم نضع في جانب آخر آثار الغزو الذي قامت به الدول الاستعمارية والخيرات التي جنتها هذه الدول ونقلتها إلى بلادها،