وفي مقابل هذه الصورة الرائعة الخالدة نشاهد صورة الدول الاستعمارية التي افترست أمماً وحضارات، كيف صنعت بالبلاد التي دخلتها، وكيف أفقرتها، وكيف نقلت خيراتها إلى بلادها بكل وسيلة من وسائل السلب والنهب والاستيلاء، لأن غزوها قد كان لصالح قومياتها وشعوبها، لا لصالح الشعارات التي حملوا رايتها كاذبين.
3- ذكر لي بعض أبناء المسلمين الذين يتلقون علومهم في هذا النوع من المدارس التبشيرية المعادية للإسلام، أن مما يحاوله المعلمون فيها إقناع أبناء المسلمين من طلابهم بأن المسلمين يعبدون الكعبة وهي حجارة مبنية، ويعبدون الحجر الأسود فيسجدون له ويقبلونه. وغرضهم من ذلك إلقاء الشبهة بأن عبادات المسلمين لون من ألوان العبادات الوثنية، التي ينكرها المسلمون على غيرها ممن يتخذون من البشر آلهة يعبدونها، ويعبدون صورها وأوثانها من دون الله.
ويطمسون بهذا التمويه والتشويه وجه الحقيقة الناصع، الذي عليه العبادات والمناسك الإسلامية، مع أنه ليس بخفي على باحثيهم أن الإسلام حينما أمر بالاتجاه للكعبة في الصلاة، وأمر بالطواف حولها، قد أثبت في قلوب المسلمين مجموعة من العقائد التي هي من أسس العقيدة الإسلامية، وهي العقائد التالية:
العقيدة الأولى: أن الكعبة بناء أرضي لا يضر بذاته ولا ينفع.
العقيدة الثانية: أن الصلاة وسائر أشكال العبادات إنما هي لله وحده لا شريك له.
العقيدة الثالثة: أن الاتجاه إلى الكعبة ليس بحال من الأحوال عبادة لها، وإنما هو طاعة لأمر الله، وقد أمر الله بالاتجاه إليها توحيداً للجهة التي يتجه إليها المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها، حينما يعبدون الله في صلاتهم، وليس اتجاههم إليها عبادة لها،كما أن سجودهم ووضع جباههم على الأرض ليس عبادة للأرض.