نام کتاب : أصول الدعوة نویسنده : عبد الكريم زيدان جلد : 1 صفحه : 208
كيف تختار الأمة الخليفة؟
340- وإذا كانت الأمة هي التي تختار الخليفة، فكيف تمارس هذا الاختيار، هل تقوم به مباشرة، بأن يقوم جميع أفرادها بإظهار رأيهم بمن يرضونه لهذا المنصب، أم يقوم به طائفة منها نيابة عنها؟ الواقع أننا لا نجد نظامًا محدَّدًا لاختيار رئيس الدولة، وهذا يعني أنَّ الأمر متروك للأمة، فهي التي تختار طريقة اختيارها للإمام، وعلى هذا فيمكنها أن تباشر انتخاب الخليفة بالطريقة المباشرة؛ حيث يشترك جميع أفراد الأمة إلّا من استثني منهم بدليل شرعي، كالصغار والمجانين وغير المسلمين، ونجد سندًا لهذه الطريقة في الآية الكريمة: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} ، فظاهر هذا النَّص يدل على أنَّ المسلمين يتشاورون فيما يهمهم، ولا شكَّ أن اختيار الخليفة من أهمِّ ما يهمهم، ويؤيد ما استظهرناه ما جاء في تفسير هذه الآية الكريمة في تفسير الإمام الرازي، فقد جاء فيه: "إذا وقعت واقعة اجتمعوا وتشاروا، فأثنى الله عليهم، أي: لا ينفردون برأي، بل ما لم يجتمعوا عليه لا يعزمون عليه"[1].
ويجوز للأمَّة أن تباشر حقها في انتخاب الخليفة بصورة غير مباشرة عن طريق النيابة، وهذه الطريقة نجد لها سندًا في السوابق التاريخية القديمة في عصر الخلفاء الراشدين، وهو خير العصور فهمًا للإسلام وتطبيقًا له، فقد تَمَّ انتخاب أولئك الخلفاء الكرام من قِبَل طائفة من المسلمين، هم الذين يسمِّيهم الفقهاء بأهل الحَلّ والعقد، وتبعهم المسلمون الموجودون في المدينة فبايعوا من اختاروه خليفة، ولم ينتخبهم جميع المسلمين، كما يبايعهم بعد انتخابهم جميع المسلمين في جميع المدن الإسلامية، ولم ينقل لها اعتراض على هذه الطريقة، لا من الخلفاء الراشدين، ولا من غيرهم، فدلَّ ذلك على إجماعهم على صحة هذه الطريقة في الانتخاب، ويؤيد هذه الطريقة من النَّظر أنَّ الأمَّة هي صاحبة الحق في انتخاب الخليفة كما قلنا، وصاحب الحق له أن يباشره بنفسه، كما له أن يباشره بواسطة نائبه، بأن يوكِّل من يقوم به نيابة عنه، وقد أقرَّ الفقهاء هذه الطريقة من الانتخاب وصرحوا بها، فمن أقوالهم: "وإذا تقرَّر أنَّ هذا المنصب -أي: منصب الخليفة- واجب بإجماع، فهو من فروض الكفاية، وراجع إلى [1] تفسير الرازي ج27 ص177.
نام کتاب : أصول الدعوة نویسنده : عبد الكريم زيدان جلد : 1 صفحه : 208