قلة الإمكانيات وازدياد السكان ولذلك ينصرف النظر إلى توسيع دائرة هذه الإمكانيات ومحاولة التقليل من الانفجار السكاني، ولكن ثمة جوانب لهذه الأزمة لم تراع حق رعايتها ولم يبحث عن علاج حقيقي لها، وهذه الأزمة هي الجوانب الخلقية.
والحق أن معظم مشكلاتنا الاقتصادية هي مشكلات خلقية قبل أن تكون ندرة في الحاجات وزيادة في السكان، وهذه بعض الجوانب الخلقية التي أهملنا علاجها وتسبب وما زالت تتسبب في إيلام العالم وكثرة مشاكله:
أولاً: الإسراف والبذخ والترف، هذه الأمراض الثلاثة وهي من أخلاق الجاهليات القديمة وهي سمة مميزة لجاهلية هذا القرن، وهذه الأخلاق التي أصبحت سمة عامة للمترفين من أغنياء هذا العالم والتي تهدر - ولا نبالغ أكثر من ربع اقتصاد العالم فالرياش الفاخرة، وأدوات الزينة التي تكلف الملايين، وولائم الشهرة وأفراح الشهرة وحفلاتها التي تكلف أضعاف ذلك والإسراف في الطاقة والمياه وباختصار (عدم صون النعمة) الذي أصبح خلقاً مميزاً للإنسان المادي المحب لنفسه المترف هو من أكبر عوامل الأزمة الاقتصادية. وإذا راجع كل منا نفسه فإنه سيجد أن ما لا ينتفع به من طعام وشراب وماء وكهرباء وحفلات فاخرة من الممكن أن تعيش عليه أسرة بكاملها، ولذلك فالفرد العصري الجاهل بوجه عام فرد غير اقتصادي وقد اعتنى الإسلام بتربية الإنسان الاقتصادي الذي يقدر النعمة فنهى عن الترف والبذخ وجعل الإسراف حتى في ماء الوضوء -وهو عبادة- حرام وذلك ليكون غيره من باب الأولى والأحرى وجعل الإسلام الفرد عابداً لله باقتصاده في مأكله ومشربه وحياته كلها، قال تعالى