واصفاً عباده: {والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً} .
ثانياً: الجشع والطمع وحب الذات والتكالب على الحطام، وهذه كلها أصبحت أيضاً صفات أساسية لإنسان العصر المادي نتاج الحضارة الأوروبية الخبيثة، وهذا الجشع والطمع لا يقف عند حد فالذين يكسبون الملايين من الأموال كل يوم ومع ذلك يناورون ويغشون ويحتكرون ويغالون ليكسبوا مزيداً من الملايين هؤلاء أناس بلا أخلاق فزيادة المال بالنسبة لهؤلاء لا يعني مطلقاً إلا إشباع صفة الطمع والجشع في الإنسان وذلك أن المال في ذاته وسيلة إلى المنافع وليس منفعة بذاته فأنت لا تلبس الدنانير إذا عريت، ولا تأكلها إذا جعت، ولا تقيك حر الشمس وبرد الشتاء ولكنها وسيلة إلى ذلك والزيادة المطلقة في هذه الوسائل ليس له ثمرة فعلية مطلقاً فيستوي في النهاية من يملك المليون ومن يملك مائة المليون لأن حاجات الإنسان محدودة في الطعام والشراب والمسكن ومهما أوتي من الأموال الإضافية فإنها لا توجد له حاجات وطاقات فوق طاقات الإنسان وإنما تنحرف الفطرة فيكون الطعام تأنقاً وبذخاً وإسرافاً، والزواج إفساداً وعبثاً، والسكن شهرة وبذخاً وتعطيلاً لغرف وقصور ورياش بلا حاجة، وهكذا فالتسابق نحو المال إنما هو تسابق لإشباع الطمع والجشع وهي صفات دميمة أو تسابق لإشباع انحراف الفطرة وانحراف الفطرة مدمر للأمم والشعوب، كما قال تعالى: {وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميراً} .
وذلك أن انحراف الفطرة يؤدي إلى إهدار الإمكانيات وإيجاد الصراع والعداوة والبغضاء فأنت لا تكره غنياً يأكل الضروري ويشرب ويلبس ويسكن للحاجة إلى ذلك ولكنك