تحسده أو تحتقره وتزدريه إذا رأيت أنه يتلف الطعام في موائد لا ينتفع بها، ولباس للشهرة، وسكن يتحول الذهب فيه إلى صنابير في دورات المياه، ومن هنا يتولد الحقد والحسد ثم تنفجر هذه الأحقاد في ثورات مدمرة لا تبقي ولا تذر.
ثالثاً: انعدام الشعور بالأخوة وحاجة الفقير، وهذه ثمرة ثالثة من ثمار الإسراف والبذخ والطمع والجشع فالمسرف الطماع الجشع لا يمكن أن يشعر بحاجة الفقير والمسكين وهو في سبيل جشعه لا يمانع أن يزداد ماله من قوت المساكن وعرقهم وسعيهم وكدهم، وكمثال مباشر لهذه الأخلاق الخبيثة التي طغت على مجتمعنا فصاحب العمل الذي يوظف عمالاً هنا ويكسب من وراء عملهم الآلاف والملايين لا يرضى أن يسكن هؤلاء العمال في عماراته السكنية بنصف أجورهم، بل يحتاج العامل الفني (الذي يتقاضى ما بين 90-150 دينار) ، إلى مائة أخر ليسكن في سكن مناسب مع العلم أن السكن على أكبر تقدير هو ثلث حاجة الإنسان واقتصادياً يجب أن يكون ربع دخل الإنسان وذلك أن الفرد العادي يحتاج ليعيش إلى سكن وطعام وكساء ودواء وتعليم وادخار، فإذا استغرق أجر السكن راتب العامل كله، فماذا يصنع في ضروراته الأخرى وهؤلاء إما أن يتجهوا إلى السرقة والغش، وإما إلى الثورة والتدمير وكلا هذين الأمرين مدمر للمجتمعات.
* والعجيب أن الجشع والطمع حمل الأغنياء إلى البناء الفخم المترف وتركوا البناء التجاري المتوسط للهروب من السكان الفقراء والمتوسطين وإسكان الأغنياء، وكل هذه الأموال الفائضة التي توضع في (الرخام والمزايكو والمطاط، والموسيقى الموزعة على الشقق) تؤدي إلى زيادة الإنفاق فيما لا يفيد أصلاً وإن كان الأغنياء يظنون أنها تزيد الإيجارات