بهم -فيما لا يقدر عليه إلا الله-، فكان مما قاله رحمه الله: (ولكن إنكارنا على من دعا المخلوق أعظم مما يطلب منه تفريج الكربات، وإعطاء الرغبات، فأين هذا ممن يدعو الله مخلصا له الدين لا يدعو مع الله أحدا، ولكن يقول في دعائه: أسألك بنبيك، أو بالمرسلين، أو بعبادك الصالحين، أو غيره يدعو عنده، لكن لا يدعو إلا الله مخلصا له الدين) [1].
فاحتجوا بهذا النص الذي هو حجة دامغة عليهم، وادعوا به جواز الاستغاثة بالموتى الصالحين باسم التوسل، مع أن كلام الشيخ دليل عليهم لا لهم، ورد على خطئهم وانحرافهم[2].
وعقب هذه الإشارة التي أوضحت ما يتضمنه لفظ التوسل من الإجمال والاشتراك، فإننا نورد بيانا موجزا للتوسل الشرعي -كما بينه وقرره علماء الدعوة- تمييزا له عن التوسل البدعي..
إن التوسل الشرعي إما أن يكون بأسماء الله الحسنى وصفاته العلى وإما أن يكون التوسل بالأعمال الصالحة، وإما أن يكون التوسل بدعاء الرجل الصالح.
وقد أشار الشيخ حمد بن ناصر بن معمر إلى هذه الأنواع الثلاثة التي تشمل التوسل الشرعي فقال:
(.. الذي فعله الصحابة رضي الله عنهم هو التوسل إلى الله بالأسماء والصفات والتوحيد، والتوسل بما أمر الله به من الإيمان بالرسول ومحبته وطاعته ونحو ذلك، وكذلك توسلوا بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم وشفاعته في حياته، وتوسلوا بدعاء العباس وبيزيد..) [3].
ويذكر الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الحصين بعض أنواع التوسل المشروع فيقول:
(فلم يبق إلا التوسل بالأعمال الصالحة كتوسل المؤمنين بإيمانهم في قولهم: {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ} [4] وكتوسل أصحاب الصخرة المنطبقة
1 "مجموعة مؤلفات الشيخ" 3/68، وانظر: "تاريخ ابن غنام" 1/208. [2] انظر إلى تلبيس المالكي في كتابه "مفاهيم يجب أن تصحح" حيث نقل كلام الشيخ -الذي سبق إيراده- بعنوان "الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب لا ينكر التوسل" ص 62، 63، واحتج به -زورا وبهتانا- على جواز الاستغاثة بالموتى.
3 "الدرر السنية" 9/17. [4] سورة آل عمران آية: 193.