ويبيح الاوردبادي الاستشفاع بالأولياء بقوله:
(وأما الاستشفاع بهم، فلم يكن إلا لأن الله أثبت الشفاعة لعباده المكرمين في قوله تعالى: {إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى} [1] وأذن بشفاعتهم في قوله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّّّّّّّ بِإِذْنِه} [2] فيتوسل عند الله، ويتوجه، ويستشفع إليه بأوليائه من عباده) [3].
يتبين من خلال هذه النقول أن هؤلاء الخصوم يدعون أن العلة التي أوجبت كفر المشركين، هي اعتقادهم في الأنبياء، والملائكة أنهم أبناء الله وبناته- تعالى الله عن ذلك-، أو اعتقادهم أن الأصنام تنفع وتضر، وليست علة كفرهم اتخاذهم الأصنام، أو الأولياء شفعاء كي تقربهم عند الله زلفى.
كما أن المناوئين يجوزون طلب الشفاعة من الأنبياء، والأولياء في دار الدنيا؛ لأن الله أذن لهم في الشفاعة، وبعضهم يفسر الإذن بمعنى الرضا والاختيار. ونلاحظ أنهم ينفون أن يكون طلب الشفاعة من الأنبياء، أو الأولياء عبادة لهم، بل هو كدعاء المسلم لأخيه، كما أن طلب الشفاعة منهم عام لا فرق في ذلك بين الأحياء منهم والأموات.
ويدعي الخصوم أن الشفاعة حين تطلب في الدنيا من الأونبياء فلأنها في ملكهم وحوزتهم.
لقد أفاض علماء هذه الدعوة السلفية الحديث عن ما يتعلق بهذه. المسألة فوضوحها غاية الوضوح، وأوردوا الأدلة والبراهين عليها، وذكروا شبهات الخصوم، واعتراضهم، ثم أعقبوها بالرد والمناقشة.
وقد تحدث الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب عن هذه المسألة في أكثر من موضع وأطال في بيانها وإظهارها.
فيبين الشيخ محمد بن عبد الوهاب مشابهة هؤلاء الذين اتخذوا الصالحين شفعاء، ووسائط بينهم وبين الله ويدعونهم، ويرجونهم، بحال المشركين الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن اتخذ الأصنام، أو الأولياء شفعاء تقربهم عند الله زلفى، مع اعتقاد أن النفع والضر من عند الله، ويورد الاعتراضات في ذلك فيقول:
(إن أعداء الله لهم اعتراضات كثيرة على دين الرسل، يصدون بها الناس عنه، منها قولهم: نحن لا نشرك بالله، بل نشهد أنه لا يخلق ولا يرزق، ولا ينفع ولا يضر [1] سورة الأنبياء آية: 28. [2] سورة البقرة آية: 255. [3] رسالة في الرد على الوهابية، المطبعة العلومية، النجف، 1345هـ، ص 22.