الوحي، لأن برهان العقل قد قام لدينا بأن ما يخبرنا به الرسول عن الوحي صدقٌ وحق، والجامع بين الأمرين هو أن كلاً منهما يقدم شهادة بالحقيقة، وبما أن الحقيقة واحدة فإنه لا يمكن أن تتناقض نتائج الطرق الصحيحة الموصلة إليها. ومتى ظهر التناقض فلا بد أن يكون ذلك لخلل أصابها أو أصاب واحداً منها.
فمن الأمثلة ما يلي:
لقد أخبرنا الله أنه لا إله إلا هو، وهذا خبر جاءنا به الوحي، فقدم لنا شهادة بحقيقة وحدانية الخالق تبارك وتعالى، والبحث العقلي والبحث العلمي بالوسائل الإنسانية في هذا المجال لا بد أن يوصلا إلى هذه الحقيقة نفسها، ولذلك قال الله عزّ وجلّ في سورة (آل عمران/3 مصحف/89 نزول) :
فلدينا إذن حول هذه الحقيقة شهادة الله، إذ أخبرنا بوحدانيته عن طريق الوحي الذي بلغنا به الرسول المؤَيَّدُ من الله بالمعجزات الباهرات، ولدينا أيضاً شهادة أولي العلم الذين توصلوا إلى هذه الحقيقة عن طريق البحث العلمي، والدلائل العقلية البرهانية.
فمن الغفلة الكبيرة، والجهل بأصول المعرفة، إقامة الصراع والنزاع بين ما يأتي من المعارف الكونية عن طريق الدين، وما يأتي منها عن طريق الوسائل الإنسانية، مع أن هذه وتلك شواهد ربانية، أقامها الله بين يدي الإنسان ليعرف بها الحقيقة. وهل يشهد الله عزّ وجلّ شهادتين متناقضتين؟! أو يضللنا سبحانه وتعالى فيضع لنا وسيلتين تعطي كلٌّ منهما نتيجة متناقضة للأخرى في موضوع واحد؟!.
هذا أمر لا يكون في حالٍ من الأحوال، وحكمة الله العليّ العليم الحكيم القدير تأباه.