نظام معروف في الشعوب القديمة: "المصرية، والأثيبوبية، والعربية، واليونانية والرومانية، والغالية" وتوجد آثار منه في الأساطير الشعبيّة في أوروبا الآن، ولا يزال منتشراً في القبائل غير المتحضّرة في أمريكا وأستراليا.
ويرى "دوركايم" أن أستراليا أخصب مكان لدراسة هذه الظاهرة، لأن سكانها أقل تطوّراً، وأقرب إلى الطبيعة الأولى من غيرهم، ولذلك استمد منها الوقائع التي بنى عليها أفكاره في مسألة نشأة الدين والأخلاق.
وخلاصة هذه الوقائع أن تلك القبائل في تعظيمها لألقابها تعظّم في الوقت نفسه مسمى تلك الألقاب.
ولما كان الاسم مشتركاً بين الحيوان والجد الأعلى وأفراد العشيرة، وكانت هذه الصلة بين هذه المعاني الثلاثة في نظرها صلة تجانس تام، ترجعها إلى جوهر واحد، شمل التعظيم ثلاثتها، لكن الخط الأكبر من التعظيم يدخرونه لهذا الاسم المشترك، أو لتلك الصورة الجامعة، وهو الوسم، أو الوشم.
حتى إنهم نسبوا إلى هذه الصورة خصائص عجيبة، فزعموا أن الذي يحملها ينصر في الحرب على أعدائه، ويُوفَّق في تسديد السهم إلى رميته، وزعموا أن وضعها على القروح يُسرع في التئامها، إلى غير ذلك.
ويرى "دوركايم" أن هذا التعظيم في العادة، لا يصل إلى درجة العبادة، ولا يوحي فكرة التدين والتقديس والتأليه، ولذلك يقضون جُلَّ أوقاتهم في حياة فاترة، كلٌّ يسعى لقوته منعزلاً في الجبل للاحتطاب، أو على شاطئ البركة للصيد، وليس لهم مظهر من مظاهر التدين في هذه الأحوال العاديّة، سوى التورّع عن بعض المحظورات.
وإنما يأخذ التين حقيقته ومظهره التام عندهم في مواسم خاصة، تقام فيها الحفلات المرحة الصاخبة، التي يطلقون فيها العنان لحركاته العنيفة، وصيحاتهم المنكرة، على إيقاع الطبول، ولحن المزامير، وقد