نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد جلد : 1 صفحه : 402
فالتقدم العلمي والتكنولوجي ضروري لعمارة الأرض، ومن ثم فهو واجب على أي مجموعة من البشر يضمها تجمع معين. ولكن لا بد له من شروط يقوم عليها وإلا فقد كثيرا من اعتباره وتحول إلى أداة سلبية تدفع الإنسان إلى الدمار!
{أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ[1] وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [2].
وليس من الضروري أن يتم التدمير بمجرد ظهور الفساد واستشرائه ... فإن من سنن الله أن يمد للقوم الظالمين -مع ظلمهم- ويمكن لهم، ويفتح عليهم أبواب القوة في كل اتجاه.. ليزدادوا فسادا وانحرافا، ويزدادوا استحقاقا للتدمير..
{فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ، فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [3].
بينما من سنن الله مع المسلمين ألا يمكن لهم في الأرض إلا وهم مستقيمون على طريقه، فإذا انحرفوا زال عنهم التمكين حتى يعودوا إليه.
{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} [4].
ويقيم الناس في حياتهم علاقات سياسية واجتماعية واقتصادية ليس بعضها نابعا من بعض ولا بعضها تابعا لبعض..إنما الأصح أن نقول إنها -كلها- أوجه متعددة "لموقف" معين، في اتجاهات مختلفة ولكنها مترابطة..
فالموقف الواحد: على طريق الله أو على غير طريقه، يتجسم في كيان سياسي اجتماعي اقتصادي معين، وفكري وروحي وخلقي وفني كذلك ... أي: في جميع [1] أي: بالتدمير عليهم لما كذبوا الرسل ولم يستجيبوا لهم. [2] سورة الروم: 9. [3] سورة الأنعام: 44, 45. [4] سورة النور: 55.
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد جلد : 1 صفحه : 402