responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 67
سادسًا: محاكم التفتيش
يقول "ول ديورانت" بعد أن يعدد مباذل البابوات وانحرافات رجال الدين في النص الذي أشرنا إليه آنفًا: "وإذا ما عفونا عن بعض هذا الشذوذ الجنسي والانهماك في ملاذ المأكل والمشرب فإننا لا نستطيع أن نعفو عن أعمال محاكم التفتيش"[1].. ولهذه الشهادة دلالتها في استفظاع تلك الأعمال التي كانت تقوم بها محاكم التفتيش، ذلك أن الأعمال التي سمح "ول ديورانت" لنفسه أن يعفو عنها هي في الحقيقة أعمال لا تغتفر من الرجال الذين -في زعمهم- وهبوا أنفسهم لنشر العقيدة التي يؤمنون بها وتثبيت أركانها في الأرض.. فكيف بالأعمال التي لم يجد في نفسه القدرة على العفو عنها، وهو بهذه الدرجة من التساهل فيما وقع من رجال الدين من انحرافات؟!
الحقيقة أنها كانت أبشع من أن يعفو عنها أحد في قلبه ذرة من مشاعر الإنسانية.
يقول ويلز:
"شهد القرن الثالث عشر تطور منظمة جديدة في الكنيسة هي محكمة التفتيش البابوية. ذلك أنه جرت عادة الباب قبل ذلك الزمان بأن يقوم في بعض الأحيان بتحقيقات أو استعلامات عن الإلحاد في هذا الإقليم أو ذاك، ولكن "إنوسنت الثالث" وجد الآن في عقد الرهبان الدومينيسكيين الجديد أداة قوية للقمع، ومن ثم نظمت محاكم التفتيش كأداة تحقيق مستديمة تحت إدارتهم. وبهذه الأداة نصبت الكنيسة نفسها لمهاجمة الضمير الإنساني بالنار والعذاب، وعملت على إضعافه مع أنه مناط أملها الوحيد في السيادة على العالم.. وقبل القرن الثالث عشر لم تنزل عقوبة الإعدام إلا نادرًا بالملاحدة والكفار. فأما الآن فإن كبار رجال الكنيسة كانوا يقفون في مائة ساحة من ساحات الأسواق في أوروبا ليراقبوا أجسام أعدائها -وهم في غالبية الأمر قوم فقراء لا وزن لهم- تحترق بالنار وتخمد أنفاسهم بحالة محزنة، وتحترق وتخمد معهم في نفس الحين الرسالة العظمى لرجال الكنيسة إلى البشرية فتصبح رمادًا تذروه الرياح"[2].

[1] قصة الحضارة ج "ص86".
[2] معالم تاريخ الإنسانية ج3- ص908, 909.
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 67
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست