responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 383
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وَفِي التَّذْكِرَة لِلشَّيْخِ دَاوُدَ: عَنْبَر يَنْفَع سَائِر أَمْرَاض الدِّمَاغ الْبَارِدَة طَبْعًا وَغَيْرهَا خَاصِّيَّة وَمِنْ الْجُنُون وَالشَّقِيقَة وَالنَّزَلَات وَأَمْرَاض الْأُذُن وَالْأَنْف وَعِلَل الصَّدْر وَالسُّعَال شَمًّا وَأَكْلًا وَكَيْف كَانَ فَهُوَ أَجَلّ الْمُفْرَدَات فِي كُلّ مَا ذُكِرَ شَدِيدُ التَّفْرِيحِ خُصُوصًا بِمِثْلِهِ بَنَفْسَجٌ وَنِصْفُهُ صَمْغٌ أَوْ فِي الشَّرَاب مُفْرَدًا، وَيُقَوِّي الْحَوَاسّ وَيَحْفَظ الْأَرْوَاح اِنْتَهَى مُخْتَصَرًا.
وَقَدْ ثَبَتَ بِالتَّجْرِبَةِ أَنَّ الزَّعْفَرَان يُفَرِّح الْقَلْب فَرَحًا شَدِيدًا وَيُقَوِّيهَا وَلَا يُسْكِر أَبَدًا وَأَنْ لَا يُسْتَعْمَل عَلَى الزَّائِد عَلَى الْقَدْر الْمُعَيَّن، نَعَمْ اِسْتِعْمَاله عَلَى الْقَدْر الزَّائِد يُنْشِئُ الْفَتَرَ وَلِينَةَ الْأَعْضَاء عَلَى رَأْي الْبَعْض.
وَقَدْ ثَبَتَ بِالتَّجْرِبَةِ وَصَحَّ عَنْ أَئِمَّة الطِّبّ أَنَّ كُلّ الْمُفَرِّحَات الْمُطَيِّبَات أَنْ يَخْتَلِط بِالْأَشْرِبَةِ الْمُسْكِرَة فَإِنَّهَا تَزْدَاد قُوَّة السُّكْر. وَمَنْ قَالَ إِنَّ الزَّعْفَرَان يُسْكِر مُفْرَدًا فَقَدْ أَخْطَأَ وَإِنَّمَا صَدَرَ هَذَا الْقَوْل مِنْهُ تَقْلِيدًا لِلْعَلَّامَةِ عَلَاء الدِّين عَلِيّ الْقُرَشِيّ مِنْ غَيْر تَجْرِبَة وَلَا بَحْث فَإِنَّهُ قَالَ فِي مُوجَز الْقَانُون وَالنَّفِيسِيّ فِي شَرْحه وَالْمُسْكِرَات بِسُرْعَةٍ كَالتَّنَقُّلِ بِجَوْزِ الطِّيب وَنَقْعه فِي الشَّرَاب وَكَذَلِكَ الْعُود الْهِنْدِيّ وَالشَّيْلَم وَوَرَق الْقِنَّب وَالزَّعْفَرَان وَكُلّ هَذِهِ يُسْكِر مُفْرَده فَكَيْف مَعَ الشَّرَاب، وَأَمَّا الْبَنْج وَاللُّفَّاح وَالشَّوْكَرَان وَالْأَفْيُون فَمُفْرِط فِي الْإِسْكَار اِنْتَهَى.
وَقَالَ الْقُرَشِيّ فِي شَرْح قَانُون الشَّيْخ: الزَّعْفَرَان يُقَوِّي الْمَعِدَة وَالْكَبِد وَيُفَرِّح الْقَلْب وَلِأَجْلِ لَطَافَة أَرْضِيَّته يَقْبَل التَّصَعُّد كَثِيرًا، فَلِذَلِكَ يُصَدِّع وَيُسْكِر بِكَثْرَةِ مَا يَتَصَعَّد مِنْهُ إِلَى الدِّمَاغ اِنْتَهَى.
وَقَوْله يُسْكِر بِكَثْرَةِ مَا يَتَصَعَّد مِنْهُ إِلَى الدِّمَاغ ظَنٌّ مَحْضٌ مِنْ الْعَلَّامَة الْقُرَشِيّ وَخِلَاف لِلْوَاقِعِ، وَأَنَّ الْأَطِبَّاء الْقُدَمَاء قَاطِبَة قَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ يُسْكِر إِذَا جُعِلَ فِي الشَّرَاب وَلَمْ يُنْقَل عَنْ وَاحِد مِنْهُمْ أَنَّهُ ذَهَبَ إِلَى سُكْره مُفْرَدًا أَوْ مَعَ اِسْتِهْلَاك الطَّعَام.
هَذَا اِبْن بَيْطَار الَّذِي يَنْتَهِي إِلَيْهِ الرِّيَاسَة فِي عِلْم الطِّبّ ذَكَرَ الزَّعْفَرَان فِي جَامِعه، وَنَقَلَ أَقْوَال الْأَئِمَّة الْقُدَمَاء بِكَثْرَةٍ وَأَطَالَ الْكَلَام فِيهِ بِمَا لَا مَزِيد عَلَيْهِ وَمَا ذُكِرَ عَنْ وَاحِد مِنْهُمْ أَنَّ الزَّعْفَرَان يُسْكِر مُفْرَدًا، فَقَالَ الزَّعْفَرَان تُحَسِّن اللَّوْن وَتُذْهِب الْخُمَار إِذَا شُرِبَ بالميفختج، وَقَدْ يُقَال إِنَّهُ يَقْتُل إِذَا شُرِبَ مِنْهُ مِقْدَار وَزْن ثَلَاثَة مَثَاقِيل بِمَاءٍ، وَلَهُ خَاصِّيَّة شَدِيدَة عَظِيمَة فِي تَقْوِيَة جَوْهَر الرُّوح وَتَفْرِيحه.
وَقَالَ الرَّازِيّ فِي الْحَاوِي: وَهُوَ يُسْكِر سَكَرًا شَدِيدًا إِذَا جُعِلَ فِي الشَّرَاب، وَيُفَرِّح حَتَّى إِنَّهُ يَأْخُذ مِنْهُ الْجُنُون مِنْ شِدَّة الْفَرَح. اِنْتَهَى كَلَام اِبْن بَيْطَار مُخْتَصَرًا.
وَهَذَا الشَّيْخ الرَّئِيس أَبُو عَلِيّ إِمَام الْفَنّ قَالَ فِي الْقَانُون: الزَّعْفَرَان حَارّ يَابِس قَابِض مُحَلِّل مُصَدِّع يَضُرّ الرَّأْس وَيُشْرَب بالميفختج لِلْخُمَارِ، وَهُوَ مُنَوِّم مُظْلِم لِلْحَوَاسِّ إِذَا سُقِيَ فِي الشَّرَاب أَسْكَرَ حَتَّى يُرْعِنَ مُقَوٍّ لِلْقَلْبِ مُفَرِّح. قِيلَ إِنَّ ثَلَاثَة مَثَاقِيل مِنْهُ تَقْتُل بِالتَّفْرِيحِ. اِنْتَهَى مُلَخَّصًا مُخْتَصَرًا.
وَهَذَا عَلِيّ بْن الْعَبَّاس إِمَام الْفَنّ بِلَا نِزَاع قَالَ فِي كَامِل الصِّنَاعَة فِي الْبَاب السَّابِع وَالثَّلَاثِينَ: الزَّعْفَرَان حَارّ يَابِس لَطِيف مُجَفَّف تَجْفِيفًا مَعَ قَبْض يَسِير، وَلِذَلِكَ صَارَ يُدِرّ الْبَوْل وَفِيهِ مُنْضِجَة وَيَنْفَع أَوْرَام الْأَعْضَاء الْبَاطِنَة إِذَا شُرِبَ وَضُمِّدَ بِهِ مِنْ خَارِج وَيَفْتَح السُّدَد الَّتِي فِي الْكَبِد أَوْ فِي الْعُرُوق وَيُقَوِّي جَمِيع الْأَعْضَاء الْبَاطِنَة وَيُنْفِذ الْأَدْوِيَة الَّتِي يُخْلَط بِهَا إِلَى جَمِيع الْبَدَن اِنْتَهَى.
وَقَالَ الشَّيْخ دَاوُدُ الْأَنْطَاكِيّ فِي تَذْكِرَته: الزَّعْفَرَان يُفَرِّح الْقَلْب، وَيُقَوِّي الْحَوَاسّ، وَيُهَيِّج شَهْوَة الْبَاءَة فِيمَنْ يَئِسَ مِنْهُ، وَلَوْ شَمًّا، وَيُذْهِب الْخَفَقَان فِي الشَّرَاب، وَيُسْرِع بِالسُّكْرِ عَلَى أَنَّهُ يَقْطَعهُ إِذَا شُرِبَ بالميفختج عَنْ تَجْرِبَة اِنْتَهَى.
وَقَالَ الأقصرائي: زَعْفَرَان يَسُرّ مَعَ الشَّرَاب جِدًّا حَتَّى يُرْعِنَ أَيْ يُورِث الرُّعُونَة، وَهِيَ خِفَّة الْعَقْل، وَقِيلَ: إِنَّ ثَلَاثَة مَثَاقِيل مِنْ الزَّعْفَرَان يَقْتُل بِالتَّفْرِيحِ اِنْتَهَى.
فَمِنْ أَيْنَ قَالَ الْعَلَّامَة الْقُرَشِيّ: إِنَّ الزَّعْفَرَان يُسْكِر مُفْرَدًا أَيْضًا، هَلْ حَصَلَتْ لَهُ التَّجْرِبَة عَلَى أَنَّهُ يُسْكِر مُفْرَدًا، كَلَّا بَلْ ثَبَتَ بِالتَّجْرِبَةِ أَنَّهُ لَا يُسْكِر إِلَّا مَعَ الشَّرَاب.
وَقَدْ سَأَلْت غَيْر مَرَّة مَنْ أَدْرَكْنَا مِنْ الْأَطِبَّاء الْحُذَّاق أَصْحَاب التَّجْرِبَة وَالْعِلْم وَالْفَهْم، فَكُلّهمْ اِتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُسْكِر مُفْرَدًا، بَلْ قَالُوا إِنَّ الْقَوْل بِالسُّكْرِ غَلَط وَحَكَى لِي شَيْخنَا الْعَلَّامَة الدَّهْلَوِيّ فِي سَنَة أَرْبَع وَتِسْعِينَ بَعْد الْأَلْف وَالْمِائَتَيْنِ مِنْ الْهِجْرَة النَّبَوِيَّة أَنَّ قَبْل ذَلِكَ بِأَرْبَعِينَ سَنَة أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ جَرَى الْكَلَام فِي مَسْأَلَة الزَّعْفَرَان بَيْن الْأَطِبَّاء وَالْعُلَمَاء، فَتَحَقَّقَ الْأَمْر عَلَى أَنَّ الزَّعْفَرَان لَيْسَ بِمُسْكِرٍ وَإِنَّمَا فِيهِ تَفْتِير، وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ آرَاء الْأَطِبَّاء وَالْعُلَمَاء كَافَّة، عَلَى أَنَّ الْفَرْق بَيْن حُكْم الْمَائِعَات وَالْجَامِدَات مُحَقَّق بَيْن الْأَئِمَّة الْأَحْنَاف اِنْتَهَى.
وَقَدْ أَطْنَبَ الْكَلَام فِي مَسْأَلَة الزَّعْفَرَان الْفَاضِل السَّيِّد رَحِمَهُ اللَّه فِي كِتَابه دَلِيل الطَّالِب فَقَالَ إِنْ ثَبَتَ السُّكْر فِي الزَّعْفَرَان فَهُوَ مُسْكِر، وَإِنْ ثَبَتَ التَّفْتِير فَقَطْ فَهُوَ مُفَتِّر اِنْتَهَى حَاصِله. =
نام کتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 383
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست