الدليل الثالث: ما روى مالكٌ في الموطأ: عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه كان إبنهُ يقرأ عليه القرآنَ، والمصحف بين يديه، قال ابنه: فتَحكّكتُ فقال لي أبي: (لعلّك لمَسْتَ أي: لمَستَ ذَكَركَ؟ قال: نعم. قال: قم فتوضأ) فدل على أنه كان معروفاً ومعهوداً عند الصحابة رضي الله عنهم أن مس المصحف لا يكون إلا للمتوضِّئ؛ لأنه كان يقرأ، والمصحف بين يديه، فهذا يدلّ على أن هدي الصحابة -رضوان الله عليهم-، والسلف الصالح الأمر بالوضوء لمس الصحف.
قوله رحمه الله: [والصّلاةُ]: أي: ويحرم على المحدث الصلاة، لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ} فأمر الله بالوضوء للصلاة، وفرضه على عباده فدل على عدم جواز الصلاة بدونه، ولأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال كما في الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: [لا يَقْبلُ الله صَلاةَ أحَدِكُم إِذَا أَحْدَثَ حَتّى يَتوضأ]، وهذا التحريم عام لجميع الصلوات فريضة كانت، أو نافلة، لقوله عليه الصلاة والسلام في حديث علي رضي الله عنه الصحيح: [مِفْتَاحُ الصلاةِ الطُهُور] فدلّ على أن الصلاة لا تجوز بغير طهارة، وهو عام في جميع الصلوات، فريضة كانت، أو نافلة.
قوله رحمه الله: [والطَّوافُ] بالبيت أي ويحرم على المحدث أن يطوف بالبيت؛ لما ثبت في الحديث الصحيح أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: [الطوافُ بالبيْتِ صَلاةٌ] فأعطاه حكم الصلاة، فدلّ على أنه يجب له الوضوء، وهذا هو