ولا يختلف قوله أن خيار المجلس ثابت للبائع والمشتري قبل التفوق بالأبدان فإن كل واحد منهما مخير بين إجازة البيع وفسخة مالم يتفرقا وكذلك لو كانا في محمل أو سفينة فتبايعا فكل واحد منهما الخيار حتى يتفرقا بالأبدان ولو أقاما أياما فإن قام أحدهما لحاجته من طهارة أو غيرها حتى غاب عن صاحبة قبل الفسخ بطل خيارهما واستقر البيع وقد دل عليه حديث أبي الوضيء قال كنا في غزاة فباع صاحب لنا فرسا من رجل فلما دنا الرحيل خاصمه فيه إلى أبي برزة فقال أبو برزة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (البيعان بالخيار مالم يتفرقا) ولا أراكما تفرقتما ويروى أنهما باتا ليلة بعد التبايع فجعل لهما أبو برزة الخيار مع المبيت في مكان واحد بعد البيع.
واختلف قوله في المتبايعين يخير كل منهما صاحبه قبل أن يتفرقا بين إجازة البيع وفسخه فيختار الإجازة هل انقطع بذلك خيار المجلس أم لا؟ على روايتين قال في أحداهما لا ينقطع بذلك خيار المجلس حتى يتفرقا بالأبدان وقال في الأخرى قد انقطع خيار المجلس بينهما وإن لم يتفرقا واستقر البيع وبهذا أقول لحديث نافع عن عبدالله بن عمر أن النبي صلى الله عليه قال (إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار مالم يتفرقا وكانا جميعا أو يخير أحدهما صاحبه فإن خير أحدهما الآخر فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع وإن تفرقا بعد أن تبايعا ولم يترك واحد منهما البيع فقد وجب).
ولو كان المبيع عبدا أو أمة فأعتقه المشتري قبل التفرق نفذ عتقه لأنه عتق ما ملك وكذلك لو مات كان من مال المشتري فإن أعتقه البائع قبل التفرق لم يقع العتق إلا أن يقول قد فسخت البيع ثم يعتقه فيصير عتيقه.
واختلف قوله إذا أعتق المشتري العبد قبل التفرق ثم اختار البائع فسخ البيع