responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : وظيفة الصورة الفنية في القرآن نویسنده : عبد السلام أحمد الراغب    جلد : 1  صفحه : 428
من الإنسان.
وتجمّع الصورة مشاعر الكره في النفس، وتفرغها في الشيطان، وما يتعلق به من أفعال وشرور وجنود وأتباع. فتطمئن النفس وترتاح، وتتوحّد قوى النفس في محاربة قوى الشرّ في النفس والحياة.
وتخاطب الصورة الفطرة الإنسانية، وما فيها من «طاقة الواقع وطاقة الخيال» [14] اللتين لا يقوم الكيان الإنساني إلا بهما. فكل طاقة لها عملها ونشاطها، ولها مجالها، وأجواؤها، ولا بدّ من إشباع هاتين الطاقتين بما يحتاجان إليه من الغذاء، كل طاقة على حدة، ثم إقامة التوازن بينهما في النفس الإنسانية في النهاية، حتى يكون الكيان الإنساني بدوره على أكمل وجه، بحيث لا تطغى طاقة الواقع على طاقة الخيال، فيصبح مادة لا روح فيها، كما هو اتجاه الواقعية في العصر الحديث. التي تهمل الجانب الروحي في الإنسان، وتجعل القيمة للمادة فقط، فهي التي تتحكم في الإنسان والحياة، وكانت هذه الواقعية ردة فعل على الرومانسية المفرطة في الخيال والبعد عن واقع الإنسان وما ركّب فيه من طبيعة مزدوجة «مادة وروح» فأغرقت الرومانسية في الخيالات المريضة، والأوهام الفاسدة التي أفسدت الحياة الإنسانية، وشوّهت جمالها.
كما أغرقت الواقعية في الالتصاق بالواقع، على حساب الخيال الإنساني، حتى تحول الأدب الواقعي إلى صورة منسوخة عن الواقع، ليس فيه إشباع لمخيّلة الإنسان.
أما الصورة القرآنية فإنها تخاطب الطبيعة البشرية المزدوجة «مادة وروح» وما يتفرّع منهما من مشاعر واتجاهات، متقابلة في النفس الإنسانية، تثيرها الصورة القرآنية، وتحركها من كوامنها ولا تكتفي بإثارتها فقط لتعمل بدون نظام أو انضباط، وإنما تثيرها لتستجيب أولا ثم تتوازن ثانيا في الكيان الإنساني، فتعمل هذه الاتجاهات متوازنة ثم يظهر هذا التوازن النفسي في سلوك الإنسان بما يليق بكرامة الإنسان وسيادته في هذا الكون.
لذا رأينا كيف قامت الصورة بتصوير الواقع المحسوس بأرضه وسمائه، وجباله وسحابه، وأمطاره، ونباته وأشجاره وثماره ... إلخ. كما قامت بتصوير الأحداث الواقعة التي كان يمرّ بها المسلمون، ورصدتها بدقّة، لكي تجعل الواقع المعاش، واقعا مصوّرا، تبقى صورته ماثلة

[14] منهج التربية الإسلامية: محمد قطب ص 148.
نام کتاب : وظيفة الصورة الفنية في القرآن نویسنده : عبد السلام أحمد الراغب    جلد : 1  صفحه : 428
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست