نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا جلد : 1 صفحه : 140
(رَبِّ الْعالَمِينَ) قال البيضاوى: الربّ فى الأصل مصدر بمعنى التربية، وهى تبليغ الشيء إلى كماله شيئا فشيئا، ثم وصف به للمبالغة [كالصوم والعدل] [1] ثم سمى به المالك لأنه يحفظ ما يملكه ويربّيه، ولا يطلق على غيره تعالى إلا مقيّدا [أو مضافا] [2].
وقال الراغب: الرّب فى الأصل: التربية وهو إنشاء الشيء حالا فحالا إلى حد التمام.
ولا يقال الرب مطلقا إلا الله تعالى [3].
و (الْعالَمِينَ) جمع عالم، قيل: المراد به الناس خاصة على حدّ قوله تعالى: لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً [الفرقان: [1]].
وقيل: بل أهل العلم والإدراك من الخلق من الملائكة والإنس والجن.
وقيل: كل جملة متميّزة لأفرادها صفات تقرّبها من العاقل فهى عالم، ولهذا جمعت على هذا النحو. ومنه عالم الإنسان، وعالم النبات، وعالم الحيوان. ولا يقال عالم الحجر أو الجبال أو نحوها من الجمادات.
وقيل: بل المراد بالعالمين جمع أجناس المخلوقات على حد قوله تعالى: قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ (23) قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ [الشعراء:
23، 24]، ولعل أولى الأقوال بالصواب أن يقال: إن هذه المعانى جميعا تراد بهذا اللفظ بحسب القرينة. والمراد هنا المعنى الأخير فإنه سبحانه مربّى الخلائق جميعا.
والتربية الإلهية للخلق جميعا واضحة فى كل مظاهر هذه العوالم، دقيقها وجليلها، فالجمادات يربيها الخالق سبحانه بهذه النواميس الكونية التى لا تتخلف من التفاعل والتحليل والتركيب والامتزاج والاتّحاد والتّحوّل.
وصنوف النبات يتضح فيها معنى التربية الإلهية بشكل أوضح مما فى الجماد لما فيها من معانى الحياة ومبادئها، فالجنين النباتى يظل مستجنّا فى البذرة حتى يجد التربة الصالحة، فينمو ويتحرك ويتغذى بما حوله من المواد الغذائية التى جهزت لهذا الغرض، [1] ما بين معقوفتين ناقص وقد استدركته من تفسير البيضاوى. [2] انظر: تفسير البيضاوى (1/ 25، 26) وبهامشه حاشية الخطيب. طبعة مركز الكتب الثقافية. وما بين معقوفتين من إضافة الإمام الشهيد، وليس من تفسير البيضاوى. [3] انظر: مفردات ألفاظ القرآن للراغب الأصفهانى ص 366، مادة: رب. طبعة: دار القلم- دمشق.
نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا جلد : 1 صفحه : 140