responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا    جلد : 1  صفحه : 141
فتكون له بمثابة الثدى فى الحيوان، حتى إذا نما وكبر تشبث بالأرض وامتص منها غذاءه ونما وازداد فى تركيب غريب ووضع دقيق عجيب ويظهر على وجه الأرض نبتة تتحوّل إلى شجيرة، فشجرة ذات أغصان وأوراق وثمار تتأثر وتتنفس وتتغذى وتحمل وتنتج الثمرات.
والحيوان على اختلاف فصائله والإنسان يربيهما الخالق جلّ وعلا فى كل أطوار الحياة: من النطفة إلى العلقة إلى المضغة إلى الهيكل العظمى فالتكوين التام الكامل، فالوضع والرضاع والنمو والكبر مع تيسير أسباب البقاء والمحافظة التامّة على صيانة الأجهزة والأعضاء والإمداد بعد ذلك بأسباب المعارف والمدركات المتنوّعة والعواطف والمشاعر والوجدانات المختلفة حتى يستطيع أن يميّز بين الحسن وغيره، ويتذوّق معانى الخير والحق والجمال.
وما من شىء يظن القاصرون أنه ليس بذى بال إلا وله من الحكم الجليلة والفوائد العظيمة ما تتحيّر معه الألباب، وهذا الباب من تربية الله تبارك وتعالى للعالمين، لا ينتهى مداه، ولو كتبت فيه المجلّدات. ففيه أسرار الكون، ودقائق الصنع المتّصلة بجميع الخلق وغرائب الإبداع فى نواميس هذا العالم الذى لم يصل العقل الإنسانى فى الإحاطة بها إلا إلى النّزر اليسير، ولا زال أمامه الجمّ الكثير.
وهذه الآية الكريمة من جوامع الكلم ولا شك، فقد أشارت واحتملت هذه المعانى كلها فى هذه الألفاظ الأربعة اليسيرة.
(الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) قال فى" تفسير المنار" ما ملخصه: النكتة فيه [إعادة ذكرها] [1] ظاهرة، وهى أن تربية الله للعالمين ليست لحاجة به إليهم كجلب منفعة أو دفع مضرة، وإنما هى لعموم رحمته وشمول إحسانه. وثمّ نكتة أخرى وهى أن البعض يفهم من معنى الرب الجبروت والقهر، فأراد الله أن يذكرهم برحمته وإحسانه ليجمعوا بين اعتقاد الجلال والجمال، فذكر الرحمن وهو المفيض للنعم بسعة وتجدّد لا منتهى لهما، والرحيم الثابت له وصف الرحمة لا يزايله أبدا، فكأنّ الله تعالى أراد أن يتحبب إلى عباده فعرّفهم أن ربوبيته

[1] ما بين معقوفتين من وضع الإمام الشهيد، وليست من عبارات صاحب المنار.
نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا    جلد : 1  صفحه : 141
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست