نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا جلد : 1 صفحه : 143
اعمل ما شئت فكما تدين تدان) [1]. وهو أسلوب القرآن الكريم دائما كما قال تبارك وتعالى: نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ [الحجر: 49، 50].
(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) تفسّر العبادة لغة: بأنها الطاعة مع غاية الخضوع. ولكنّ هذا التفسير اللغوى لا يؤدى المعنى المقصود بالعبادة بالضبط. ولا يزال المرء يشعر بأنه فى حاجة إلى تعريف أوفى وأدقّ وأشفى للنفس. فقد يطيع الناس الرؤساء والكبراء طاعة تامّة مع غاية الخضوع، ولا يقال: إنهم عبدوهم بذلك، والعبادة غير العبودية، ولا بد من تفريق بينهما، يشعر بذلك الذوق السليم والطبع المستقيم. وقد ألّم الشيخ محمد عبده فى تفسيره بهذا المعنى إلماما جمع وصوّر معنى العبادة تصويرا بديعا يطمئن به القلب، فقال:
" يغلو العاشق فى تعظيم معشوقه والخضوع له غلوّا كبيرا حتى يفنى فى هواه، وتذوب إرادته فى إرادته، ومع ذلك لا يسمّى خضوعه هذا عبادة بالحقيقة، ويبالغ كثير من الناس فى تعظيم الرؤساء والملوك والأمراء فترى من خضوعهم لهم وتحريهم مرضاتهم ما لا تراه من المتحنّثين [2] القانتين دع سائر العابدين. ولم يكن العرب يسمون شيئا من هذا الخضوع عبادة. فما هى العبادة إذن؟ [1] قال الإمام العجلونى فى تخريجه: رواه أبو نعيم والديلمى عن ابن عمر رفعه. وأورده ابن عدى أيضا فى الكامل، وفى سنده ضعيف، وقال فى اللئالئ: رواه البيهقى فى كتاب الزهد والأسماء والصفات عن أبى قلابة. ثم قال: هذا مرسل. ورواه ابن عدى فى الكامل من حديث محمد بن عبد الملك الأنصارى المدنى عن ابن عمر عن النبى صلى الله عليه وسلم، ثم ضعف محمد بن عبد الملك. وأخرجه عبد الرزاق فى جامعه عن أبى قلابة رفعه مرسلا (20262)، ووصله أحمد فى الزهد، لكن جعله من قول أبى الدرداء، ولابن أبى عاصم فى السنة بسند فيه وضّاع عن أنس فى حديث أنه قال: يا موسى كما تدين تدان. وفى الحلية عن يحيى بن أبى عمرو الشيبانى أنه قال: مكتوب فى التوراة: كما تدين تدان وبالكأس الذى تسقى به تشرب. وفى التنزيل: (مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ). انظر: كشف الخفاء للعجلونى (2/ 126). ورواه ابن أبى شيبة (8/ 167) والبيهقى فى" الشعب" (10664) عن أبى الدرداء موقوفا. وضعفه الألبانى فى" ضعيف الجامع الصغير" (2369) وفى السلسلة الضعيفة (1576). وهو من أمثال العرب، انظر:
مجمع الأمثال (2/ 132). وقد ذكره الإمام البنا على أنه أثر لا حديث مرفوع، كما نرى سياق الكلام.
وذكره فى موضع آخر على أنه حديث! وسبحان من لا يغفل ولا ينام. [2] المتحنث: أى العابد، انظر: القاموس المحيط ص 215، ومختار الصحاح 159.
نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا جلد : 1 صفحه : 143