فيه إلا ببيان رسول الله أو إقراره لأحد من أصحابه [1].
وعلى هذا المعنى ينزّل ما ورد عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من قوله: من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار رواه الترمذي وأبو داود. وما روى عن أبي بكر رضي الله عنه أنه قال (أي أرض تقلّني وأي سماء تظلني إذا قلت في القرآن ما لا أعلم؟).
(الشرط الثاني) التزام الأخذ بقول الصحابة إذا كان قد أثر عنهم في ذلك قول. وهذا ما ذهب إليه الأكثر من أن تفسير الصحابة للقرآن يعتبر في حكم المرفوع إلى النبي، وذلك لأنه ليس من قبيل الرأي وإنما هو في الحقيقة من قبيل الرواية.
(الشرط الثالث) التزام قواعد اللغة العربية وضوابطها ومقاييسها في التفسير. فإن القرآن نزل بلسان عربي مبين، وإنما تفسره الدلالات اللغوية والقواعد العربية. فمن لم يكن ذا بصيرة سليمة في فهم العربية فليس له أن يفسر شيئا من كتاب الله عزّ وجلّ. روى البيهقي في شعب الإيمان عن مالك بن أنس قال: لا أوتى برجل غير عالم بلغات العرب، يفسر كتاب الله تعالى، إلا جعلته نكالا.
(الشرط الرابع) التزام المقتضى الذي يدل عليه العلم بكتاب الله تعالى، والتزام أصول الشرع وقواعده في الفهم والاستنباط والاجتهاد كالمفهوم والفحوى ودلالة العام والخاص والمطلق والمقيد، وهي في مجموعها إنما تعتبر ملكة علمية تؤهل صاحبها لاستنباط المعاني والأحكام من كتاب الله عزّ وجلّ.
فليس من ضير (بعد أن يلتزم المفسّر الشروط الثلاثة الأولى) في أن يستنبط مزيدا من التفسير للآية بدلالة المقتضى والقواعد العلمية التي ترسّخ في معرفتها وتذوقها.
واستنباط المعنى من الآية بهذه الوسيلة، هو الذي دعا به النبي لابن عباس حينما قال: (اللهمّ فقّهه في الدين وعلّمه التأويل) وهو المقصود بما قاله [1] تفسير جرير: 1 - 25.