علي رضي الله عنه عند ما سئل: هل خصّكم رسول الله بشيء؟ فقال: ما عندنا غير ما في هذه الصحيفة أو فهم يؤتاه الرجل (رواه البخاري).
ولكن لا يجوز تفسير القرآن- على كل حال- بمجرد الرأي والاجتهاد من غير أصل يستند إليه، فهو أشبه بحال من لم تكن عنده أي بصيرة فقهية وهو يزعم أنه يجتهد في استنباط أحكام الفقه. ففي حق مثل هذا قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار) وقال:
(من تكلم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ) رواه أبو داود والترمذي والنسائي.
قال البيهقي في شعب الإيمان: هذا إن صحّ، فإنما أراد- والله أعلم- الرأي الذي يغلب من غير دليل قام عليه، فمثل هذا لا يجوز تفسير القرآن [1].
فهذه الشروط لا بدّ من التزامها سواء بالنسبة لمن يفسر القرآن بالمأثور ولمن يفسره بالرأي.
وبذلك تعلم أنه لا خلاف بين هذين المنهجين في التفسير من حيث نقد أصحاب أحدهما على الآخرين، وإنما هو مجرد اختيار للطريقة، وما دامت الشروط متوافرة فلا ضير.
ونختم حديثنا عن التفسير ببيان أن ما يسلكه بعض الناس اليوم من تفسير الآيات الكونية في كتاب الله تعالى طبق نظريات وآراء علمية، لا دلالة في الآية عليها بميزانها اللغوي وحسب القواعد العلمية للتفسير، هو من قبيل التفسير الفاسد الذي يتّبع فيه المفسر رأيه المجرد. ومثله ما يسمى بالتفسير الإشاري أو الباطني الذي ينتهجه بعض الفرق الباطنية أو المنحرفون من المتصوفة؛ ويسير وراءهم في ذلك طائفة أخرى من الناس، هان عليهم القرآن وفرغت قلوبهم من الشعور بجلاله وهيبته، فاقتحموا إليه
بالتفسير والتأويل، [1] هذه الشروط ذكرها الزركشي في البرهان: 1 - 156 والصفحات التي تليه، ونقلها السيوطي في كتابه الإتقان: 2 - 178. وقد عرضناها بألفاظ مختلفة، قصدا لزيادة الإيضاح.