نام کتاب : موقف الشيخ الغزالي من السنة النبوية نویسنده : القرضاوي، يوسف جلد : 1 صفحه : 403
ثم تولى الخلافة عمر بن عبد العزيز فنسخ المظالم السابقة، وأشاع الرخاء، حتى عَزَّ على الاغنياء أن يجدوا الفقراء الذين يأخذون صدقاتهم!.
ولقد أتى بعد أنس بن مالك عصر الفقهاء وَالمُحَدِّثِينَ الذين أحيوا الثقافة الإسلامية، وخدموا الإسلام أروع وأجل خدمة، فكيف يقال: ان الرسالة الإسلامية الخاتمة كانت تنحدر من سيء إلى أسوأ؟؟ هذا هراء.
الواقع أن أنسًا - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - كان يقصد بحديثه منع الخروج المسلح على الدولة بالطريقة التى شاعت في عهده ومن بعده، فمزقت شمل الأمة، والحقت بأهل الحق خسائر جسيمة، ولم تنل المبطلين بأذى يذكر.
وأنس بن مالك أشرف دِينًا من أن يماليء الحجاج أو يقبل مظالمه، ولكنه أرحم بالامة من أن يزج بأتقيائها وشجعانها في مغامرات فردية تأتي عليهم، ويبقى الحجاج بعدها راسخًا مكينًا!.
وتصبيره الناس حتى يلقوا ربهم ـ أي حتى ينتهوا هم ـ لا يعنى أن الظلم سوف يبقى إلى قيام الساعة، وأن الاستكانة الظالمة سنة ماضية إلى الأبد!.
إن هذا الظاهر باطل يقينًا، والقضية المحدودة التى أفتى فيها أنس لا يجوز أن تتحول إلى مبدأ قانوني يحكم الأجيال كلها.
لقد سلخ الإسلام من تاريخه المديد أربعة عشر قرنا، وسيبقى الإسلام على ظهر الأرض ما صلحت الأرض للحياة والبقاء، وما قضت حكمة الله أن يختبر سكانها بالخير والشر.
ويوم ينتهى الإسلام من هذه الدنيا فلن تكون هذه دنيا، لأن الشمس ستنطفيء، والنجوم ستنكدر، والحصاد الأخير سيطوي العالم أجمع!
فليخسأ الجبناء دعاة الهزيمة وليعلموا أن الله أبر بدينه وعباده مما يظنون.
لقد ذكر لى بعضهم حديث «بَدَأَ الإِسْلاَمُ غَرِيبًا، وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ» [19] وكأنه يفهم منه أن الإسلام سينكمش ويضعف، وأن على من يسمع هذا الحديث أن يهادن الأثم، ويداهن الجائرين ويستكين للأفول الذي لا محيص عنه [19] رواه أحمد ومسلم وغيرهما.
نام کتاب : موقف الشيخ الغزالي من السنة النبوية نویسنده : القرضاوي، يوسف جلد : 1 صفحه : 403