نام کتاب : موقف الشيخ الغزالي من السنة النبوية نویسنده : القرضاوي، يوسف جلد : 1 صفحه : 404
وإيراد الحديث وفهمه على هذا النحو مرض شائع قديم.
ولو سرت جرثومة هذا المرض إلى صلاح الدين الأيوبي ما فكر في استنقاذ بيت المقدس من الصليبيين القدامى!.
ولو سرت جرثومة هذا المرض إلى سيف الدين قطز ما نهض إلى دحر التتار في «عين جالوت»!.
ولو سرت جرثومة هذا المرض إلى زعماء الفكر الإسلامي في عصرنا الحاضر ابتداء من جمال الدين الأفغانى إلى الشهداء والأحياء من حملة اللواء السامق ما فكروا أن يَخُطُّوا حَرْفًا أَوْ يَكْتُبُوا سَطْرًا!.
وقلت في نفسى: أيكون الإسلام غريبًا وأتباعه الذين ينتسبون إليه يبلغون وفق الإحصاءات الأخيرة ثمانمائة مليون نفس؟ (هم الآن أكثر من مليار).
يا للخذلان والعار!.
الواقع أن هذا الحديث وأشباهه يشير إلى الأزمات التي سوف يواجهها الحق في مسيرته الطويلة، فإن الباطل لن تلين بسهولة قناته، بل ربما وصل في جرأته على الإيمان أن يقتحم حدوده ويهدد حقيقته، ويحاول الإجهاز عليه!
وعندما تنجلي الظلماء عن رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، يقاومون الضلال بجلد، ولا يستوحشون من جو الفتنة الذي يعيشون فيه، ولا يتخاذلون للغربة الروحية والفكرية التى يعانونها، ولا يزالون يؤدون ما عليهم لله حتى تنقشع الغمة، ويخرج الإسلام من محنته مكتمل الصفحة، بل لعله يستأنف زحفه الطهور فيضم إلى أرضه أرضًا وإلى رجاله رجالاً.
وذلك ما وقع خلال أعصار مضت، وذلك ما سيقع خلال أعصار تجيء، وهذا ما ينطق به حديث الغربة الآنف، فقد جاء في بعض رواياته:
«طُوبَى لِلْغُرَبَاءِ الذِينَ يُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النَّاسُ مِنْ بَعْدِي مِنْ سُنَّتِي» [20] فليست الغربة موقفًا سلبيًا عاجزًا، إنها جهاد قائم دائم حتى تتغير الظروف الرديئة، ويلقى الدين حظوظًا أفضل [20] راجع في روايات الحديث كلها كتاب " غربة الإسلام " لابن رجب الحنبلي.
نام کتاب : موقف الشيخ الغزالي من السنة النبوية نویسنده : القرضاوي، يوسف جلد : 1 صفحه : 404