احتاج لاستشارتهم، فلم يبق إلا استخراج الحكم بالاستشارة، وهي نوع من أنواع الاجتهاد.
قال ابن بطة: " والدليل على أن سنته وأوامره قد كان فيها بغير وحي، وأنها كانت بآرائه واختياره، أنه قد عوتب على بعضها، ولو أُمر بها لما عوتب عليها، من ذلك حكمه في أسارى بدر، وأخذه الفدية، وإذنه في غزوة تبوك للمخلفين بالعذر، حتى تخلف من لا عذر له، ومنه قوله: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران:159] فلو كان وحيا لم يشاور فيه" ... [1] .
(5) قوله تعالى: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ} [التوبة:84] .
ووجه الدلالة من الآية أن النبي صلى الله عليه وسلم اجتهد في صلاته على عبد الله بن أُبي المنافق، بناء على ظاهره، وإرضاءً لابنه عبد الله الصحابي التقي النقي، فنزل القرآن بنقض هذا الاجتهاد، وبيانِ أن عدم الصلاة على المنافقين هو الجادة، لكفرهم بالله ورسوله.
وسبب نزول هذه الآية، أن عمر -رضي الله عنه- قال: لما توفي عبد الله بن أُبي، جاء ابنه عبد الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأله أن يعطيه قميصه يكفِّن فيه أباه، فأعطاه، ثم سأله أن يصلي عليه، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه، فقام عمر فأخذ بثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أتصلي عليه وقد نهاك ربك أن تصلي عليه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما [1] المسودة لآل تيمية - 452.