خيرني الله فقال: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً} [التوبة:80] وسأزيده على السبعين، قال: إنه منافق، قال: فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة:84] [1] .
ب ـ وأما من السنة فقد استدلوا بمايلي:
(1) حديث أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إنكم تختصمون إِليَّ، ولعل بعضكم ألحنُ بحجته من بعض، فأحسب أنه صادق، فأقضي له بذلك، فمن قضيت له بحق أخيه، فإنما أقطع له قطعة من النار، فلا يأخذها " [2] .
ووجه الدلالة من الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قد يحكم باجتهاده لأحد الخصمين في نازلة، فيكون حكمه مخالفا للحقيقة في الباطن، لذا أَمر من حَكم له بما ليس له حقيقة ألا يأخذه، لأن حكمه لا يحلُّه له، فلو كان قد حَكم بالوحي، لكان حكمه صوابا ظاهرا وباطنا، فلما حذَّر المحكوم له، العالمَ في باطن الأمر أنه أخذ بحكمه ما ليس له، دل ذلك على اجتهاده في الأحكام، وهو المطلوب.
قال الحافظ: " وفيه أنه صلى الله عليه وسلم كان يقضي بالاجتهاد فيما لم ينزل عليه فيه شيء، وخالف في ذلك قوم، وهذا الحديث من أصرح ما يحتج به عليهم. [1] أخرجه البخاري في التفسير - الفتح -8/184. [2] أخرجه البخاري في الشهادات -5/340- وفي الحيل -12/355/ وفي الأحكام - 13/168/184 ومسلم في الأقضية -3/1337.