وفيه أنه ربما أداه اجتهاده إلى أمر فيحكم به، ويكون في الباطن بخلاف ذلك، لكن مثل ذلك لو وقع، لم يقَرَّ عليه صلى الله عليه وسلم لثبوت عصمته" [1] .
(2) حديث عمر أنه قال:" يا رسول الله، صنعتُ اليوم أمرا عظيما، قبَّلتُ وأنا صائم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أرأيتَ لو تمضمضت بماء وأنت صائم "؟ فقلت: لا بأس بذلك. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فصُمْ " [2] . ووجه الدلالة من الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم شبَّه القبلة بالمضمضة في أن كلا منهما مقدِّمة للفطر ولا يفطران، فكما أن المضمضة وسيلة للشرب وليست شربا، فكذلك القبلة وسيلة للوطء وليست وطئا، والوطءُ والشرب هما المفطران لا مقدماتهما. فهذا قياس من النبي صلى الله عليه وسلم للقبلة على المضمضة، وهو دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجتهد ويقيس، فلو كان عنده نص في المسألة لما جاز له القياس، لأنه لا معنى له مع وجود النص، فثبت المطلوب.
(3) حديث ابن عباس في خطبة النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة قال: "حرم الله مكة، فلم تحل لأحد قبلي ولا لأحد بعدي، أحلت لي ساعة من نهار، لا يختلَى خلاها ولا يعضد شجرها، ولا ينفَّر صيدها، ولا تُلتقط لقطتها إلا لمعرِّف " فقال العباس- رضي الله عنه – إلا الإذخر لصاغتنا وقبورنا، فقال " إلا الإذخر " [3] . [1] الفتح - 13/186. [2] أخرجه أحمد في مسنده - 1 / 21 بسند صحيح. [3] أخرجه البخاري في الجنائز -3/ 253 وفي جزاء الصيد - 4/56 ومسلم في الحج - 2/987.