ووجه الدلالة من الحديث أن العباس لما بين للنبي مصلحة الإذخر استثناه، فلو كان وحيا ما تأخر استثناؤه، ولساقه مع ما قبله مساقا واحدا، فلما استثناه بعدَ ما روجع فيه، دل ذلك على اجتهاده فيه لمصلحته الراجحة.
قال الحافظ:" واختلفوا هل كان قوله صلى الله عليه وسلم: " إلا الإذخر" باجتهاد أو وحي؟ وقيل: كان الله فوض له الحكم في هذه المسألة مطلقا. وقيل: أُوحي إليه قبل ذلك أنه إن طَلب أحد استثناء شيء من ذلك فأجب سؤاله.
وقال الطبري: " ساغ للعباس أن يستثني الإذخر، لأنه احتمل عنده أن يكون المراد بتحريم مكة تحريمَ القتال دون ما ذكر من تحريم الاختلاء، فإنه من تحريم الرسول باجتهاده، فساغ له أن يسأله استثناء الإذخر ". وهذا مبني على أن الرسول كان له أن يجتهد في الأحكام، وليس ما قاله بلازم، بل في تقريره صلى الله عليه وسلم للعباس على ذلك، دليل على جواز تخصيص العام......
قال ابن المنير: " والحق أن سؤال العباس، كان على معنى الضراعة، وترخيصَ النبي صلى الله عليه وسلم كان تبليغاً عن الله، إما بطريق الإلهام أو بطريق الوحي، ومن ادعى أن نزول الوحي يحتاج إلى أمَدٍ متسع فقد وهم " [1] .
(4) حديث أم سلمة قالت: جاء رجلان يختصمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مواريث بينهما قد درست، ليس بينهما بينة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إني إنما أقضي بينكما برأيي فيما لم ينزل علي [1] الفتح - 4/59/60.