أن العرب قد رمتكم عن قوس واحدة، وأن الحارث قد سألكم تشاطروه تمر المدينة، فإن أردتم أن تدفعوه عامكم هذا.
فقالوا: يا رسول الله، أوحي من السماء - فالتسليم لأمرالله – أوعن رأيك وهواك؟ فرأينا تبع لهواك ورأيك، فإن كنتَ إنما تريد الإبقاء علينا، فوالله لقد رأيتنا وإياهم على سواء، ما ينالون منا تمرة إلا شراء أو قِرى، لا واللهِ ما أَعْطَينا الدنية من أنفسنا في الجاهلية، فكيف وقد جاء بالإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" هوذا، تسمعون ما يقولون؟ " قالوا: غدرت يا محمد … الحديث [1] .
ووجه الدلالة من الحديث أنه صلى الله عليه وسلم استشار أصحابه فيما سئل من مناصفة الكفار تمر المدينة، فلو كان أوحي إليه بشيء في ذلك، لمَاَ احتاج لاستشارتهم، ثم إن المستشارين من أصحابه استفسروه عما اقترح هل هو بوحي فيسلمون له، أو برأي، فرأيُه رأيهم. وذلك يدل على أنهم يفرقون بين ما كان وحيا -فيطيعونه فيه- واجتهادا فيبدون فيه اجتهادا آخر قد يخالف اجتهاده. وسؤالُهم ذلك يدل على أنه تقرر عندهم أنه عليه السلام يجتهد، فلو لم يتقرر ذلك عندهم لما كان للسؤال فائدة.
(7) عن رافع قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، وهم يأبُرون النخل، فقال: ما تصنعون؟ قالوا: كنا نصنعه، قال: "لعلكم لو لم تفعلوا كان خيرا، فتركوه، فنفَضت [2] أو فنقصت ـ قال: فذكروا ذلك له، فقال: " إنما [1] أخرجه البزار - كشف الأستار - 2/331-332/ والطبراني في الكبير- كما في المجمع /6/132/ وقال: " ورجال البزار والطبراني فيهما محمد بن عمرو، وحديثه حسن، وبقية رجاله ثقات "اهـ [2] أي سقطت