أنا بشر، إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به، وإذا أمرتكم بشيء من رأي، فإنما أنا بشر".
وفي لفظ " طلحة بن عبيد الله:" إن كان ينفعهم ذلك فليصنعوه، فإني إنما ظننت ظنا، فلا تؤاخذوني بالظن، ولكن إذا حدثتكم عن الله شيئا فخذوا به، فإني لن أكذب على الله عز وجل ".
وفي لفظ عائشة: " لو لم تفعلوا لصلُح " قال: فخرج شِيصا [1] فمر بهم فقال: "مالنخلكم "؟ قالوا: قلت كذا وكذا، قال:" أنتم أعلم بأمر دنياكم" [2] .
ووجه الدلالة من الحديث جلي، وهو نصٌّ في أنه صلى الله عليه وسلم يجتهد ويخطئ في اجتهاده، لكنه ينبه على ذلك كما سبق.
قال الشاطبي: فإن الحديث إما وحي من الله صِرْف، وإما اجتهاد من الرسول عليه الصلاة والسلام معتبرٌ بوحي صحيح من كتاب أو سنة. وعلى كلا التقديرين، لا يمكن فيه التناقضُ مع كتاب الله، لأنه عليه السلام، ما ينطق عن الهوى، وإذا فُرِّع على القول بجواز الخطأ في حقه فلا يقر عليه البتة، فلا بد من الرجوع إلى الصواب " [3] .
وقال الشيرازي: "يجوز الخطأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم في اجتهاده إلا أنه لا يقر عليه، بل ينبه عليه [4] . [1] هو البسر الرديء. [2] أخرجه مسلم في الفضائل - 4/1835/1836. [3] الموافقات للشاطبي - 4/21. [4] التبصرة في أصول الفقه - 524.