ثم عقب ذلك بقوله: "لا يغفر الذنوب إلا أنت" إقرارًا منه واعترافًا أنه قد قطع أمله ورجاءه عن كل أحد سواه، وصرف رغبته إلى من لا توجد المغفرة إلا عنده.
و"الهدى": ضد الضلال.
و"الأخلاق" واحدها خُلُق -بضم اللام وبسكونها- وهي السجية التي جُبِلَ الإنسان عليها من حسن وقبح، ولذلك طلب الهداية لأحسنها.
ثم عقب بقوله: "لا يهدي لأحسنها إلا أنت" كما قال في "لا يغفر الذنوب إلا أنت".
وكذلك قوله: "واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت".
وأما قوله: "لبيك" فإنها لفظة مبنية من ألَبَّ بالمكان إذا أقام فيه، وضعت لإجابة الداعي، والمراد بها إجابة اللَّه تعالى إلى دعاية الخلق إلى الإيمان" ومعنى هذه: التنبيه فيها إجابة بعد إجابة، وإقامة على إجابتك بعد إجابة.
وأما "سعديك" فإنها من الألفاظ المقرونة بلبيك، ومعناها إسعاد، أي: ساعدت على طاعتك مساعدة بعد مساعدة.
وهما منصوبان على المصدر.
وأما قوله: "الخير بيديك، والشر ليس إليك" فله تأويلان [1]: أحدهما على مذهب أهل الحق من السنة والجماعة.
والثاني على مقتضى مذهب المعتزلة.
فأما الأول -وهو الصحيح والصواب- إن شاء اللَّه تعالى- فإنما ذكره على [1] قال النووي في شرح مسلم (3/ 317):
قوله: والشر ليس إليك: مما يجب تأويله لأن مذهب أهل الحق أن كل المحدثات فعل اللَّه تعالى وخلقه سواء خيرها وشرها وحينئد يجب تأويله وفيه خمسة أقوال. وانظر هذه الوجوه هناك.