وبعد جنكيز خان جاء حفيده هولاكو خان، فاتجه إلى الدولة العباسية ومقرها بغداد وذلك في سنة 654هـ، وفي طريقه عرج على قلعة الموت ففتحها، وأخذها منهم، وقتل من فيها ثم استولى على الريّ، ثم عرج على مدينة بخارى، وكذلك مدينتي سمرقند وبلخ فأحدث بها وبأهلها من الدمار والهلاك والخراب ما أحدث بغيرها، ثم قصد بغداد سنة 656هـ، فمكن له الوزير الشيعي ابن العلقمي[1] وزير الخليفة العباسي المستعصم بالله[2] من دخول بغداد والاستيلاء عليها وزلزلة الأرض تحت أرجل الخليفة المستعصم[3] وذلك نظرًا للخلاف الذي كان قائمًا بينه وبين الخليفة، أو لنقل: الخلاف الكبير الذي كان قائمًا آنذاك بين الشيعة وأهل السنة, فلما استولى هولاكو على بغداد أباحها لجنده أربعين يومًا، وقتل منها، كما يقول بعض المؤرخين ما يقرب من مليوني مواطن، وخرب عمرانها، ورمى كتبها في نهر دجله[4].
وقد وصف سير توماس أرنولد ما قام به المغول من ضروب الوحشية في غزواتهم للبلاد الإسلامية بقوله: "لا يعرف الإسلام من بين ما نزل به من الخطوب والويلات خطبا أشد هولًا من غزوات [1] في فوات الوفيات فصل عن ابن العلقمي، ينظر في: 3/ 252-255. [2] ينظر ترجمته في البداية والنهاية: 13/ 204-206. [3] ينظر المصدر السابق: 13/ 200-201. [4] ينظر: ظهر الإسلام: 4/ 193، وينظر كذلك: عصر سلاطين المماليك المجلد الثالث، ص9.