بل أراد تمامها، فأومأ إلى ذلك برفع فعولان، وقيل: على رواية فعولان بالرفع يجوز إعرابان؛ أحدهما: ما تقدم من جعل فعولان خبرًا لمبتدأ محذوف تقديره: هما فعولان، والآخر: إعراب فعولان نعتًا لعينان، والمعنى: وعينان فعولان بالألباب ما تفعل الخمر، قال الله: كونا فكانتا. وكان في كلا الوجهين تامة غير محتاجة إلى الخبر. وعلى رواية فعولين بالنصب يجوز إعرابان أيضًا، وهما: أن يكون النصب على الخبرية لكان الناقصة، أو أن يكون على القطع أي: على المفعولية لفعل محذوف تقديره: أعني، أو أمدح، أو نحو ذلك، وتكون كان تامة.
السبر والتقسيم وبعض من أمثلته عند ابن جني
السبر في اللغة الاختبار يقال: سبر الشيء أي: خبره، وفي حديث الغار قال أبو بكر لرسول الله -صلى الله عليه وسلم: ((لا تدخله حتى أسبره قبلك)) أي: أختبره، وأعتبره، وأنظر هل فيه أحد أو شيء يؤذي، والتقسيم: هو ذكر الأقسام المحتملة، والسبر والتقسيم مسلك من مسالك العلة عند الأصوليين، وعنهم أخذه النحاة. وقد عرفه السيوطي بقوله: "أن يذكر -أي: النحوي- جميع الوجوه المحتملة، ثم يسبرها -أي: يختبرها- فيبقي ما يصلح، وينفي ما عداه بطريقه".
ويدل هذا التعريف على أن النحوي ينظر في جميع الوجوه التي يحتملها الحكم النحوي، ويختبرها جميعًا، فمنها ما يصلح ومنها ما لا يصلح، فما كان صالحًا منها أبقاه، وما كان غير صالح نفاه، وقوله: "وينفي ما عداه بطريقه": اختُلف علام يعود الضمير في قوله: "بطريقه"؟ فذهب أحد شراح (الاقتراح) إلى أن الضمير عائد على مصدر مفهوم من ينفي أي: بطريق النفي، وذهب آخر إلى أن الضمير عائد على السبر، وهو الصحيح؛ لأن المعنى يكون حينئذ: وينفي غير