هذا لابد منه, لأن العرب لا تزيد حرفاً إلا لمعنى, كذلك زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى, وهنا زادوا حرفين وهي .. وهما .. ياء النسبة وتاء التأنيث المربوطة, وكل منهما هل هو حرف مبنى أو حرف معنى؟ حرف مبنى أو حرف معنى؟ ما الفرق بينهما؟ حرف المبنى الذي تتألف منه الكلمة, زه يه ده, (زيد) مؤلف من ثلاثة أحرف, زه يه ده, زه نقول هذا حرف مبنى لأنه تألفت منه الكلمة, هو جزء كلمة, يه هذا جزء كلمة إذاً هو حرف مبنى بُنيت منه الكلمة, ده هذا حرف مبنى لأنه جزء الكلمة, وأما لم ولن وهمزة الاستفهام وإن وأن هذه حروف معاني, وحرف المعنى هو المقابل للاسم والفعل وهو كلمة, وهو .. وهو كلمة, إذاً حرف المبنى حرف هجاء, وحرف المعنى كلمة, لأنه .. لأن الكلمة قول مفرد, مؤلفة من ثلاثة أنواع, اسم وفعل وحرف, حرف هذا الذي يُسمى حرف معنى, لأنه يدل على معنى, يدل على .. على معنى, في وعن وإلى ومن .. هذه حروف معاني, تُسمى حروف معاني جمع حرف معنى, وهنا ياء النسبة حرف مبنى أو معنى؟ حرف معنى .. حرف معنى, ولا يلزم من حرف المعنى أن يُنطَق به لوحده مباشرة, ولذلك همزة الاستفهام حرف معنى, وهل توجد لوحدها مثل في ومن وعن يُنطق بها؟ لا, وإنما تقول أزيد أقبل, أزيد أليس كذلك؟ فتأتي بالهمزة ثم زيد, بمعنى أن حرف المعنى هنا لا ينفك عن الكلمة, كذلك ياء النسبة لا تنفك عن الكلمة, كذلك التاء المربوطة تاء تأنيث تدل على أن مدخولها مؤنث حينئذٍ هي حرف معنى, إذاً اجتمع عندنا هنا في المصدر الصناعي حرفان وهما حرفا معنى, حينئذٍ قبل الزيادة وبعد الزيادة هل يستويان في المعنى؟ الجواب لا, إذاً جاهل, جاهليُّ, جاهليةٌ, لابد أن يكون جاهلية فيه معنى دالاً على معنى لم يدل عليه قبل دخول ياء النسبة وكذلك تاء التأنيث المربوطة, إذاً فائدة هذه الياء المشددة هو التاء ليدل .. ليصير بعد الزيادة .. بعد الزيادة دالاً على معنى لم يكن يدل عليه قبل الزيادة, وهذه قاعدة العرب, ويصاغ من اسم ذاتٍ مثلاً كـ (إنسان) فيقال إنسانية, إنسان وإنسانية, إنسان إنسانيةٌ إنسانيةٌ, ومثله (قوم) وقومية و (حزب) وحزبية ونحو ذلك, هذه كلها ألفاظ زيدت على أصل الكلمة, هل الكلمة قبل الزيادة هي عينها بعد الزيادة؟ الجواب لا, وإنما تدل بعد الزيادة على صفاتٍ زائدةٍ على مدلولها قبل الزيادة, فإنسان يدل على ماذا؟ يدل على حيوانياً ناطقياً, حيوان ناطق, هذا المشهور عند المناطقة, و (إنسانية) يدل على ذلك المعنى والزيادة, وهي الصفات التي يتصف بها الإنسان من العبودية والرحمة والمحبة والعطف, ولذلك يقال (ما عندك إنسانية!) ما الذي يراد به؟ ليس المراد به أنت نُفيَّ عنك كونك حيواناً ناطقاً, لا, وإنما المراد الصفات التي هي مجتمعة في .. في الإنسان, إذاً دل على معنى بعد الزيادة لم يدل عليها اللفظ قبل الزيادة, كإنسان فيقال إنسانية, وهذا المعنى اللاحق هو مجموعة الصفات الخاصة بذلك اللفظ, فإنسان هو الحيوان الناطق, وإنسانية يدل على مجموعة من الصفات التي يختص بها الإنسان كالعبادة والرحمة والعطف والرأفة والمحبة ونحو ذلك من المسائل المتعلقة بـ ..