دون تفصيل, ومنه {يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ} وقوله {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} ومنه أكثر أحاديث الباب, يعني العشرين حديثاً أكثرها قال ابن حجر المراد بها الجاهلية المطلقة, وأما جزْم النووي في عدة مواضع من شرح مسلم أن هذا هو المراد حيث أتى ففيه نظر, مسلم رحمه الله تعالى رأى أن أكثر ما جاء من النصوص في لفظ (الجاهلية) المراد به الجاهلية المطلقة, حينئذٍ قال مادام هذا المعنى هو المراد حينئذٍ القليل نحمله على الكثير, فكلما جاء لفظ الجاهلية فيُحمل على الجاهلية المطلقة, لكن هذا فيه نظر, لأن بعض النصوص واضحة بينة أن المراد بها الجاهلية النسبية وعلى رأسها حديث أبي ذر (إنك امرؤٌ فيك جاهلية) وإن كان لفظ الجاهلية لا يلزم منه التكفير, فإن هذا اللفظ, وهو (الجاهلية) يُطلق على ما مضى والمراد ما قبل إسلامه, وضابط آخره غالباً فتح مكة, ومنه قول ابن عباس: سمعت أبي يقول في الجاهلية: اسقنا كأساً دِهاقاً. هذا .. يقول ابن حجر: قد يُطلق لفظ الجاهلية على ما مضى, ويدخل تحته قبل إسلام الشخص ولو كان بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم, وآخر هذا النوع متى؟ ضابطه؟ فتح مكة, فقبل فتح مكة كان يُسمَّى الشخص إذا لم يُسلم جاهلياً, ولذلك قال ابن عباس: سمعت أبي يقول في الجاهلية يعني قبل إسلامه, آخره .. آخر هذا النوع فتح مكة, والتقييد بفتح مكة هذا فيه .. فيه نظر, وأما قول عمر (نذرت في الجاهلية) فهو محتملٌ, فهو .. محتملٌ, وهذا تعريفٌ للجاهلية المطلقة, وتُذكر لأجل أن نُعرِّّف أو نعرف الجاهلية المقيدة ولهذا بَوَّب البخاري في الصحيح فقال: بابٌ (المعاصي من أمر الجاهلية) , المعاصي .. من أمر الجاهلية, ولا شك أن المعاصي حالٌ من أحوال الجاهلية, فيدخل فيها الزنا ويدخل فيها الربا ويدخل فيها شرب الخمر ويدخل فيها قطيعة الرحم ويدخل فيها القتال و .. إلى آخره, وهذه لا شك أنها معاصي وهي من أمر الجاهلية, ولذلك هذه مقيدة, ماعدا الشرك, هذه .. مقيدة, ولذلك قال بابٌ (المعاصي من أمر الجاهلية ولا يُكفّر صاحبها بارتكابها إلا بالشرك) بمعنى أن مجرد وقوعه في أمرٍ أو في صفة جاهلية لا يلزم منه التكفير, بل لابد من إقامة دليل يدل على أنه كافرٌ مرتد, وهذا يحتاج إلى دليل منفصل لا لمجرد الوصف, لقول النبي صلى الله عليه وسلم (إنك امرؤٌ فيك جاهلية) , وقول الله تعالى {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ} , انظر إلى البخاري رحمه الله تعالى أورد النص (إنك امرؤٌ فيك جاهلية) هذا دل على ماذا؟ على أن المعاصي من أمر الجاهلية, هل يكفر كل من وقع في معصية, قال إلا الشرك, لا يكفر بارتكابها إلا الشرك, ودلل على ذلك بقوله {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ} انظر وتأمل صنيع الإمام البخاري رحمه الله تعالى لما قال: المعاصي من أمر الجاهلية.