وهذا الأصل فيه أنه الجاهلية المطلقة, ولما كان الأصل في الجاهلية أنها ما قبل الإسلام, وهي كفرٌ لا محالة, قال كالمبين والموضح والمستدرك: ولا يُكفّر صاحبها, المعاصي من أمر الجاهلية ولا يُكفّر صاحبها, هذا كان استدراك لما .. لما سبق, لأنه يُفهم من قوله: المعاصي من أمر الجاهلية, الجاهلية الأصل فيها أنها كفر, حينئذٍ نحتاج إلى .. إلى شيءٍ منفصل, قال: ولا يُكفّر صاحبها إلا بالوقوع في الشرك للآية المذكورة, والشرك معصية وهو من أمر الجاهلية ودل الدليل على أنه كافر, وتأمل صنيع الحافظ كذلك أيضاً حيث قال: قوله (بابٌ) هو منونٌ, وقوله (المعاصي) مبتدأٌ, و (من أمر الجاهلية) خبره, ثم قال والجاهلية ما قبل الإسلام, إذاً عرّف الجاهلية التي أرادها البخاري وهي الجاهلية المقيدة, قال الجاهلية هي ما قبل الإسلام لأن هي الأصل, فإذا أردنا أن نعرف ما الجاهلية فلنقل ما قبل الإسلام, هذا الأصل, ثم هل هذا الذي وقع في صفة من صفات الجاهلية قد خرج عن الدين؟ نحتاج إلى دليل آخر, فنقول هذه معصية والمعاصي لا تُخرج صاحبها عن .. عن الملة, ثم قال: وقد يُطلق في شخصٍ معين, أي في حال جاهليته, ثم قال: إن كل معصية تؤخذ من ترك واجب أو فعل محرم فهي من أخلاق الجاهلية والشرك أكبر المعاصي, ولذلك كما ذكرت آنفاً يُمكن اختصار هذه المسائل الجاهلية التي عناها المصنف, ومما زاده الدويش رحمه الله تعالى بأن يُقال الجاهلية كل ترك مأمورٍ أو فعل محذور, كل ترك مأمورٍ يوصف صاحبه بأنه فيه جاهلية, وكل فعل محذور منهيٍّ عنه فهو واقع في .. في الجاهلية, انظر (الفتح) الجزء الأول صفحة 84, فالجاهلية حينئذٍ لها إطلاقات, أولاً تُطلق على ما قبل الإسلام مطلقاً وهذا هو الغالب والأصل يُحمل لفظ الشارع عليه, وتُطلق على ما كان بين المولد النبوي والمبعث, وهذا داخلٌ فيما سبق ولا خلاف معه, وتُطلق على ما مضى والمراد ما قبل إسلامه, وهذا باعتبار الشخص إذا كان في .. في ديار الإسلام أو بعد الإسلام, وتأمل ما رواه مسلم رحمه الله تعالى حيث قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا جرير عن منصور عن أبي وائل عن عبد الله قال: قال أناس: يا رسول الله أنؤاخذ بما عملنا في الجاهلية؟. ما السؤال؟ سؤالٌ مطلق, أنؤاخذ بما عملنا في الجاهلية؟ قال صلى الله عليه وسلم: (أما من أحسن منكم في الإسلام فلا يؤاخذ بها, وأما من أساء) يعني في .. في الإسلام (أُخذ بعمله في الجاهلية والإسلام) قابل هنا بين الجاهلية و .. والإسلام فدل أن الأصل في لفظ الجاهلية هي ما قابل الإسلام, والإسلام هو ما قابل الجاهلية, لأن التقابل هنا تقابل بين قسمين, والتقابل بين قسمين الأصل فيه عدم دخول أحد القسمين تحت .. تحت الآخر, فرق هنا قابل بين الجاهلية و .. والإسلام, مع أنه سؤل صلى الله عليه وسلم عن الجاهلية وجاءت مطلقة في .. في السؤال, كذلك جاء في البخاري (خياركم في الإسلام خياركم في الجاهلية) بالتقابل بين النوعين, كذلك روى أبو داوود (إن الله قد أذهب عنكم) أيها المسلمون (عِبيّةَ الجاهلية) إذاً تقابل بين الإسلام و ..