موضوع الكتاب .. نص المصنف رحمه الله تعالى في مقدمة رسالته على ذلك حيث قال (هذه مسائل) في بعض النسخ (هذه أمور) , (خالف فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما عليه أهل الجاهلية الكتابيين والأميين، مما لا غنى للمسلم عن معرفتها) إلى آخر كلامه, إذاً (هذه أمور) يعني ما سيذكره المصنف أمور ومسائل, (خالف فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما عليه أهل الجاهلية) ثم فسّر (أهل الجاهلية) المراد بهم (الكتابيين والأميين) , وهذه الأمور كما عبّر الألوسي في شرحه: هي أمور ابتدعوها ما أنزل الله بها من سلطان ولا أخذت عن نبيٍّ من النبيين. بمعنى أنه شرع .. شرعٌ مُحْدَث, هذا ما يتعلق بموضوع الكتاب, وأما أهميته تتضح أهمية الكتاب أنه قائمٌ على أصلٍ من أصول الدين وهو مخالفة الكفار, هذا أصلٌ قائم عليه كثير من .. من المسائل, سيأتي مزيد بيان بما يتعلق بشرح هذا الأصل للتدليل عليه, حتى قيل إن المصنف رحمه الله تعالى جمع زُبدة كتبه الكثيرة ورسائله العديد كلها في كتاب (مسائل الجاهلية) , لأنه أراد بتلك الكتب ـ (الأصول الثلاثة) و (القواعد الأربع) و (كتاب التوحيد) ـ أن يبين الأمور التي أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم, ولا شك أنه في الجملة ما أمر الله عز وجل به وكذلك رسوله صلى الله عليه وسلم إنما هو شرعٌ جديد خالف به ما عليه أهل الجاهلية, دلَّ ذلك على أن المسائل التي خُولِف فيها أهل الجاهلية هي ما كانت النتائج من تلك المقدمات التي ذكرها في .. في كتبه, حيث جمع في مسائله, في هذا الكتاب مسائل كثيرة جداً كانت موجودة في عصره وقد حذّر منها النبي صلى الله عليه وسلم, وقيل اشتمل هذا الكتاب وهو قليل الصفحات على مسائل من أهم المهمات, بل إن هذه الرسالة هي أصول الدين, لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما بُعث ليخلص الناس من جهالة الجاهلين على أنواع مِللهم وأصناف نِحلهم, فهي خلاصةٌ لما أمر الله به جل وعلا وأمر به رسوله صلى الله عليه وسلم المشركين والكفار أن .. أن يتركوه, فمن عنوان الرسالة (مسائل الجاهلية) نأخذ منه أنها مأخوذة من أصلٍ من أصول الدين وهو مخالفة الكفار, هو أصلٌ أصيل ولذلك جاء التنصيص عليه في سورة الفاتحة {اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ} هذا فيه مفاصلة بين أهل الصراط المستقيم وبين المغضوب عليهم والضالين, وكذلك جاء في أصلٍ عظيم في السنة النبوية وهو قوله صلى الله عليه وسلم (من تشبّه بقومٍ فهو منهم) , إذاً مأخوذة من أصل من أصول الدين وهو مخالفة الكفار وهذه مخالفة عامة تشمل المخالفة في عقائدهم والمخالفة في عباداتهم والمخالفة في عاداتهم والمخالفة في أخلاقهم وفي كل شيءٍ يتميزون به فالأصل فيه إما وجوب المخالفة أو استحباب المخالفة, والتشبه بهم إما أن يكون حراماً وإما أن يكون مكروهاً كما سيأتي في محله إن شاء الله تعالى.