قال بعد ذكر هذه المعاني: هذه الثلاثة أوجه للكريم في كلام العرب كلها جائز وصف الله تعالى بها.
لا مانع هو له شرح على أسماء الله اشتقاقات ذكر هذا في شرحه واسم الكريم ثابت في كتاب الله جل وعلا جاء في ثلاثة مواضع في قوله: {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ (الْكَرِيمِ) الكريم قراءتان على الجر والخفض: صفة للعرش ـ ولا شاهد فيها ـ. و (الكريم ُ) رَبُّ الْعَرْشِ الكريمُ بالرفع: صار نعتًا للرب فصار اسمًا وعلمًا. إذن آية واحدة فيها آيتان لها معنيان لفظ واحد، والقاعدة فيما إذا اختلفت القراءتان إن أمكن الجمع والتنزيل على محل واحد فبها ونعمت وإن لا جُعل كلٌ منهما في مقام دليل منفصل، فإن تعارضا فإما أن يكون أحدهما عام أو خاص فيحمل الخاص على العام والمطلق على المقيد .... إلخ
القاعدة وذكرها الشيخ الأمين في أضواء البيان، إذن {رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} في سورة المؤمنين في قراءة حفص بالكسر فهو صفة للعرش وقرأها أبان بن تغلب وابن محيسن أبو جعفر اسماعيل عن ابن كثير بالرفع أنه صفة للرب.
الموضع الثاني: {وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ}
والموضع الثالث: {يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} وهذا قطعًا أنه اسم لله جل وعلا والله جل وعلا لم يزل كريمًا ولا يزال فهو متصف بالكرم أزلاً وأبدًا فهو إما أن يقال بأنه صفة ذات وهذا محتمل وإما أن يقال بأنه صفة فعل وهذا محتمل وإذا احتمل الأمران حُمل عليهما. حينئذ كيف نفسره أنه صفة ذات أو لكونه صفة فعل؟ نقول: فهو صفة ذات بمعنى نفي النقائص عنه بمعنى نفي النقائص عنه فوصفه بجميع المحامد فهو راجع إلى الذات من حيث الشرف وجلالة الصفات، وهو صفة فعل بمعنى ما يكون منه جل وعلا من الإنعام والإحسان والإفضال على خلقه أجمعين. حينئذ نقول: هو صفة ذات وصفة فعل.
[أَسْأَلُ اللهَ الْكَرِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ] كما في قوله تعالى ـ اقتباس ـ: {فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِيَ اللهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} وهذه الجمل التي استعارها المصنف هنا في الدعاء فهو مأخوذ من الكتاب والسنة ولذلك قَل أن نجد له حكمًا إلاّ وهو مستند إلى قول الله تعالى وقول رسوله - صلى الله عليه وسلم - ثم والشأن في حاله [ورَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ] قال ابن كثير ـ رحمه الله تعالى ـ أي هو مالك كل شيء وخالقه لأن الرب يأتي بمعنى المالك والصاحب فهو مالك كل شيء وخالقه بأنه رب العرش العظيم والعرش العظيم الذي هو سقف المخلوقات وجميع الخلائق من السماوات والأراضين وما فيهما وما بينهما تحت العرش مقهورون بقدرة الله تعالى، وعلمه محيط بكل شيء نثبت صفة العلو وكذلك لا ينافي معيته العامة والخاصة فهو على عرشه بائن من خلقه مستوٍ استواء يليق بجلاله ومع ذلك نقول: علمه محيط بكل شيء هذه عقيدة أهل السنة والجماعة، وقدره نافذ على كل شيء وهو على كل شيء وكيل.